للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحذر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرضع الطفل من لبن الحامل، وعملا بالقياس فإن كانت علة منع رضاعة الطفل للبن الحامل هو الضرر الذي قد يصيبه من جراء الرضاعة فإن ذلك قياسا يقضي إباحة العمل على وقف الحمل مدة الرضاع بغية دفع الضرر الذي قد يلحق بالطفل وبالتالي فإنه يمكن القول: بإباحة منع الحمل مؤقتا بين الزوجين في حالة حماية أو الحفاظ على صحة المرأة إن كانت المرأة لا تلد ولادة عادية تضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الجنين، فإن كان تأخير الحمل بالأدوية أو غير ذلك لأسباب شرعية يقرها طبيب مسلم فقيه وكذلك إن ثبت الضرر للمرأة عند الحمل كأن يكون الزوج يخشى على حياة زوجته بعد فحص طبيب وبتقرير من طبيب مسلم. وفي الختام أؤكد لكم أن الدعوة لتحديد النسل أو منع الحمل بصفة عامة لا يجوز شرعا؛ نظرًا لأن المسلمين قلة في عالمنا هذا في حين أن الكفار والمشركين يفوقوننا عددا ولنا زيادة على ذلك أن الشريعة الإسلامية تحض على تكثير نسل المسلمين وانتشاره، إذ يعتبر المال والبنون زينة الحياة الدنيا، وبالتالي فإن النسل يعتبر نعمة من رب العالمين، فعلينا أن نسعى جاهدين في زيادة النسل، حتى يزداد أصوات القائلين بلا إله إلا الله محمد رسول الله، حتى تعم الرحمة برحاب عالمنا هذا، ويقل فيه الفساد إذ لا يخفى عليكم بأن حث أبنائنا وبناتنا على أخذ العقاقير لمنع الحمل في كل وقت وكيف ما كان يؤدي حتما إلى مفاسد الأخلاق وإياكم وغضب الله ولعنته فعلينا أن نحتاط من كيد الداعين لمنع الحمل، الراغبين بكل الطرق على وضع أيديهم على أموال المسلمين كيدا لنا ومقتا، فالحروب الصليبية ليست ببعيدة في أذهاننا، فلا يرتاح بالهم إلا إذا انقضوا على ثروات المسلمين اليوم، فقد حاربونا الأمس لقوتنا وتمسكنا بحبل الله والعمل بسنة رسول الله، ولم يقدروا علينا، فما بالك اليوم وفينا الأغنياء والأثرياء؟ فكيف لا يرغبون في زرع مثل هذه الأفكار البغيضة المعادية للفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها ولشريعتنا الحميدة؟ فعلينا أن لا نخالف الشرع وأن لا ننسى أبدا قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} (١) . وقوله أيضًا عز وجل {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (٢) . وعلى هذا نكون قد اختتمنا بحثنا ونسأله تبارك وتعالى أن يوفقنا للعمل الصالح وأن يتم لنا بعمل يدخلنا الجنة إنه ولي ذلك والقادر عليه فنعم المولى ونعم النصير.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

محمد علي عبد الله


(١) سورة الإسراء الآية ٣١
(٢) سورة الأنعام الآية ١٥١

<<  <  ج: ص:  >  >>