للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عبد الله بن مسعود قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق ((إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين ليلة ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله عز وجل إليه ملكا بأربع كلمات فيقول: اكتب أجله ورزقه وشقي أو سعيد)) صدق رسول الله الكريم فالإنسان اليوم يسأل نفسه عن مآل أبنائه وأحفاده وإخوانه في المستقبل وهو حائر في ميسرهم ومعاشهم، ويحاول جاهدًا لإيجاد الحل لتحديد النسل، لعل وعسى أن يكون ذلك حلًّا ناجعًا لحماية سلالته من مصاعب الدنيا، وقد أغفل عليه قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} (١) . صدق الله العظيم فمن كان قادرا على أن يحيي العظام وهي رميم أليس بحق الله أن يكون قادرًا على أن يضمن معيشة خلقه بقدر ما قدر لكل فرد مسلم {وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (٢) . والله صادق فله الخيار في إمداد رزقه لمن يريد من الناس فقد قال تعالى أيضًا {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ} (٣) . فإن الله هيأ الأرزاق، ويسر أقوات جميع الخلق من إنسان وطيور وحيوان.

ولا ننسى أيضًا أنه عز وجل قال {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (٤) .فكل بيت يولد فيه مسلم ينطق لا إله إلا الله محمد رسول الله بركة لكافة الدنيا لا للمسلمين فقط، إذ هي كلمة الدنيا والآخرة للفرد ولأسرته فالاعتماد حسب رأيي على كل عمل من شأنه التقليل من الإنجاب، يعني حرمان الإسلام من صوت ينشد بوجود الله وبركات رسول الله، فإن كان الفرد في ضيق فقد أمده الخالق بصلاح يعضد به نفسه ويرتكز عليه عند الشدائد ألا وهو الدعاء، فقد قال عز وجل {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (٥) .

والله عز وجل لا يخلف الميعاد فالدعاء عضد الإيمان والله قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه فهو أقرب من حبل الوريد، فكيف إذن نؤمن بأنه إذا تعطل علينا المطر يقوم الجميع بصلاة الاستسقاء وينزل المطر. ونخاف اليوم بأن ندعوه عز وجل ليبعد عنا الفاقة والجوع والتشرد؟ وبالتالي فإنه لا يجوز للمسلم المؤمن أن يوافق فكرة تحديد النسل بمعناه حرمان أحد الزوجين (الزوج والزوجة) من الإنجاب، أي القيام بعمليات لقطع الحمل قطعا عن طريق الجراحة أو عقاقير خاصة لتلك الغاية، أما إن كان تحديد النسل لغاية التنظيم أي تنظيم النسل فقد يتقبله المؤمن إذ يعتبر علاجًا تدفع به أضرار محققة ويكون به النسل القوي الصالح، ومثل هذا التنظيم لا يجافي الطبيعة ولا يأباه الوعي القومي ولا تمنعه الشريعة وحسب رأيي يجب الأخذ به بشروط عملا بالقياس، إذ القرآن حدد مدة إرضاع الطفل بحولين كاملين فقد قال عز وجل {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} (٦) .


(١) سورة يس الآية ٧٧، ٧٨، ٧٩
(٢) سورة البقرة الآية ٢١٢
(٣) سورة الملك الآية ١٩
(٤) سورة الذاريات الآية ٥٦
(٥) سورة غافر الآية ٦٠
(٦) سورة البقرة الآية ٢٣٣

<<  <  ج: ص:  >  >>