للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول المرحوم الشيخ حسنين محمد مخلوف مفتي مصر السابق في الجزء الأول من كتابه (فتاوى شرعية وبحوث إسلامية) : (تحديد النسل أو كما يسمونه تنظيم النسل ودعوة الأمة إليه بصفة عامة مشروع خطير تجاذبته الأفكار والأقلام منذ سنين ولم يثره بأدنى الأمر عندنا إلا الاستعماريون حين أفزعهم تزايد السكان وأقلقهم نمو الأمة ويقظة الشعور العام فيها إلى أساليب الاستعمار والتنبه العام إلى ماله من فادح الأخطار على البلاد ومناداة الشعوب في كل الأقطار العربية بضرورة تحريرها وتخليصها من شروره ومفاسده فنادوا في طول البلاد وعرضها بالخوف من المجاعة والفقر إذا استمر تزايد السكان وما لم يحدد النسل بطريقة حاسمة. . . إلخ) .

وقد رأى غير واحد من المفكرين المسلمين أن الدعوة إلى تحديد النسل بالطريقة التي ينادون بها في العالم الثالث بوجه عام وفي العالم الإسلامي بوجه خاص مؤامرة استعمارية ضد هذه الشعوب يقصد منها إضعاف هذه الشعوب وإذلالها وإخضاعها دائما وأبدا لسيطرة الدول الكبرى المتقدمة ومما يؤيد وجهة نظرهم هذه أن الدول الغربية تشجع زيادة نسبة المواليد داخلها وتكافئ من يأتي بأكبر عدد ممكن من الأولاد.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن سكان العالم كانوا أقل عددا بكثير مما نحن عليه الآن ومع ذلك فإنهم كانوا يعانون من البؤس والفاقة أكثر مما نعانيه اليوم ولا يخالف أحد في أننا أكثر منهم تقدما ورفاعية وتنعما فعلمنا أن لا علاقة بين وفرة المعيشة ورغد العيش وبين قلة سكان العالم وكثرتهم، وأيضا مما لا يخفى على أحد أن ما تنفقه إحدى الدول الكبرى في برامج الفضاء وفى سبيل تطوير أسلحتها النووية لقادر على توفير الغذاء والعلاج اللازمين لجميع سكان العالم فكيف إذا صرفت هذه الدول مجتمعة كل طاقاتها وإمكانياتها المادية في مجالات التنمية المختلفة الصناعية والزراعية والتجارية أتظنون أنه سيبقى على وجه الأرض جائع واحد؟ كلا!.

<<  <  ج: ص:  >  >>