٢- ثم عقب ذلك بقوله:(فما ألفه الناس تعارفوا عليه دون ترتب نزاع يكون غير منهى عنه) .
ولا يفسد العقد كعقد الموالاة ... برغم وضوح الغرر والجهالة فيه.
وضرب لذلك مثلا بصحة الصلح على جميع الحقوق المجهولة لشخص على آخر نظير عوض مالي معين، دون صحة الصلح على بعضها دون الآخر مع جهالة المصالح عليه، وجواز الكفالة بمجهول القدر ثم قال (فجهالة مقدار ما يرتفع به الغرر الناجم عن وقوع الخطر عند إنشاء عقد التأمين جهالة لا تمنع من التنفيذ ولا تنتج نزاعا بسبب هذه الجهالة) .
أقول:
لقد سلم الدكتور بوجه الغرر والجهالة في عقود التأمين وبأنه غرر معتبر لدى الفقهاء غير يسير، لكنه دفع هذا التعليل لمنع عقود التأمين بأمرين اثنين:
١- بأنهما مما تدعو إليه الحاجة مما فيه غرر مفسد إذا كان محتملا لا يؤدي إلي نزاع، مستندا إلي قول الشيخ ابن تيمية سابق الذكر.
أقول:
أما الحاجة هنا فليست معتبرة شرعا لأنها حاجة عامة لكنها غير متعينة إذ لا يمكن وجود البديل عن هذه العقود الفاسدة كما ذكر علماء أصول الفقه في كتبهم وهو مقرر لديهم، هذه واحدة.
والثانية انه غرر غير مفض إلي نزاع، ومن قال هذا؟ هب أن حربا عالمية اشتعل أوارها أو محلية لكنها حرب خطيرة شاملة فهل تؤدي شركات التأمين تعهداتها وتفي بعقودها؟ أم تسحب أذيالها راجعة القهقرى معلنة (ظروف طارئة) متسترة بهذه العبارة المطاطة للهرب والتملص من كل ما سبق أن تعهدت به؟! أليس هذا يفضى إلي نزاع بين شركات التأمين وعملائها؟ اللهم نعم، ولدى كل العقلاء؛ نعم.