٢- وقوله (فما ألفه الناس وتعارفوا عليه) وإني أتساءل؛ متى كان العرف يعارض النهى فيلغيه؟ وقد نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغرر....؟
أما استدلاله بعقد الموالاة وقياسه هذه العقود عليه فهو قياس مع الفارق واستدلال في غيره محله ... فأين عقد الموالاة وما ذكر من الصلح من جميع الحقوق والكفالة لما في الذمة وغير ذلك مما نحن فيه. تلك عقود يغلب عليها معنى التبرع والإيثار وحب الخير وهذه عقود يغلب عليها معنى الاسترباح والاستغلال وعلى الأقل معنى المعاوضة، فهل يصح هذا القياس؟ اللهم لا ...
وبعد فهذه مناقشة وجيزة أحببت أن أختم بها هذا الحديث لم أوف فيها على الغاية، ولكنها أضواء على الموضوع وعسى أن يكون في قادمات الأيام إن شاء الله تعالى لنا لقاء علمى مع الكاتب المذكور.
ثانيا: الموازنة
الذي يبدو من ظواهر الأدلة التي احتج بها الفريقان أن أدلة من ذهبوا إلي تحريم عقود التأمين هي أقوى استنباطا وأتم دلالة وأمتن احتجاجا وأرسخ ارتباطا بنصوص الشريعة ومقاصدها وقواعدها العامة وذلك للأمور التالية:
١-المجوزون للتأمين اعتمدوا في أدلتهم استنادات قياسية استنبطوها من استنتاج الفقهاء المجتهدين بينما القائلون بحرمته استندوا على نصوص تشريعية وقواعد أساسية أجمع المجتهدون على الأخذ بها والعمل بمقتضاها والفرق واضح بين الاستدلالين.
٢-المجوزون للتأمين اعتمدوا على تعليلات وتأويلات في الجواز أقل ما يقال فيها أن فيها معنى الغرر المحرم، بينما اعتمد القائلون بالحرمة نصوصا مطبعية تحرم الغرر وفرق كبير بين الأمرين.
٣-من القواعد المقررة شرعا (إذا تعارض المحرم والمبيح قدم المحرم، وإذا تعارض المانع والمقتضى قدم المانع)(١) لذا نأخذ بجانب الحرمة بعقود التأمين باعتبار أنه يتعارض مع الجانب المبيح على افتراض وجود التعارض ولا تعارض لظهور أدلة المحرمين.
٤-رد القائلون بالتحريم على المبيحين في مسألة القياس على نظام العواقل ونظام التقاعد والمعاش وعقد الموالاة بأنها عقود تعتمد على التبرع والدافع الذاتي والمساهمة في أوجه الخير ولا كذلك نظام التأمين التجاري القائم على الاسترباح والاستغلال وابتزاز الأموال.