للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقي الكلام في أنه هل يجوز منع الحمل بإسقاط الماء من الرحم بعد استقراره فيه، وقبل نفخ الروح في الحمل؟ اختلف فقهاء الحنفية في ذلك، وظاهر كلامهم ترجيح القول بعدم جوازه إلا بعذر، كأن ينقطع لبن المرأة بعد ظهور الحمل وله ولد، وليس لأبيه ما يستأجر به الظئر (١) ، ويخاف هلاك الولد، أما بعد نفخ الروح في الحمل فلا يباح إسقاطه، وبما ذكرنا علم الجواب عن إسقاطه، وبما ذكرنا علم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر به، هذا ما ظهر لنا، والله سبحانه وتعالى أعلم.

فتوى لجنة الفتوى بالأزهر الشريف

(٢)

السؤال:

رجل متزوج رزق بولد واحد، ويخشى إن هو رزق أولادًا كثيرين أن يقع في حرج من عدم قدرته على تربية الأولاد والعناية بهم، أو أن تسوء صحته بضعف أعصابه عن تحمل واجباتهم ومتاعبهم، أو أن تسوء صحة زوجته لكثرة ما تحمل وتضع دون أن يمضي بين الحمل والحمل فترة تستريح فيها وتسترد قوتها، وتعوض ما فقدته من جسمها في تكوين حملها.

فهل له أو لزوجته أن يتخذا بعض الوسائل التي يشير بها الأطباء لتجنب كثرة النسل، بحيث تطول الفترة بين الحمل والحمل، فتستريح الأم وتسترد صحتها ولا يرهق الوالد صحيًّا أو ماديًّا أو اجتماعيًّا؟

الجواب:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد. فقد اطلعت اللجنة على هذا السؤال، وتفيد بأن استعمال دواء لمنع الحمل مؤقتًا لا يحرم على رأي عند الشافعية، وبه تفتي اللجنة، لما فيه من التيسير على الناس ودفع الحرج ولا سيما إذا خيف من كثرة الحمل أو ضعف المرأة من الحمل المتتابع بدون أن يكون بين الحمل والحمل فترة تستريح فيها المرأة، وتسترد صحتها، والله تعالى يقول: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (٣) وقال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (٤)

وأما استعمال دواء لمنع الحمل أبدًا فهو حرام. وبهذا علم الجواب عن السؤال والله أعلم.

٢٤ جمادى الثانية سنة ١٣٧٢ هـ

١٠ مارس سنة ١٩٥٥ م


(١) الظئر: هي المرضعة لولد غيرها
(٢) الدكتور أحمد الشرباصي، الدين وتنظيم الأسرة، دار مطابع الشعب، ص ١٩١
(٣) سورة البقرة ١٨٥
(٤) سورة الحج ٧٨

<<  <  ج: ص:  >  >>