للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مناقشة البحوث

بسم الله الرحمن الرحيم

الرئيس:

نرجو من الأستاذ حسان حتحوت أن يتفضل بالعرض عن موضوعنا اليوم وهو منع تحديد النسل وأرجو أن يكون العرض في ظرف عشرين دقيقة.

الدكتور حسان حتحوت:

بسم الله الرحمن الرحيم:

أسهبت أقلام فاضلة ومؤتمرات سابقة في هذا الموضوع فلا أجد محلا لتكرار ما تعرفون وإنما أجمل فأقول: إن أغلبية الفقهاء اتجهت إلى أن منع الحمل في ذاته ليس حراما شرعا وإن كان للقلة رأي آخر ولكل من الرأيين حجته وأسانيده، واستندت الغالبية إلى روايات عن الصحابة بأنهم كانوا يمارسون العزل بعلم الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يحرمه، وبأن الغزالي أجازه على مدى واسع من المبيحات الطبية أو الاجتماعية أو الشخصية، وإنما قيدت الإباحة بشروط شرعية معروفة، فليس من الجائز تعطيل المقصدين الشرعيين للزواج في الإسلام وهما الجنس والإنجاب أحدهما أو كليهما في حال القدرة عليهما، وليس من الجائز انفراد الزوج بقرار منع الحمل فلابد أن يكون ذلك بإذن الزوجة؛ لأن الأمر شركة بينهما، ومن الواجب أن تكون وسيلة منع الحمل خالية من المضار ولا يجوز أن تكون الوسيلة مهدرة لحياة تكونت ولو في أدوارها الأولى.

وهنا أود أن أشير في موضوع اللولب إلى أن منظمة الصحة العالمية في أكتوبر سنة ١٩٨٧ م أصدرت تصريحا بأن اللولب يعمل مانعا للحمل وليس مجهضا كما كان يظن في السابق ولا يجوز أن تنطوي الوسيلة على مصادرة نهائية لوظيفة الإنجاب إلا تحت الظروف الاستثنائية التي تبيحها الشريعة، ومع ذلك فهناك اعتبارات هامة لابد منها من باب العلم أولا ثم من باب ضبط خطانا إزاء خُطَى الآخرين حتى لا يظن بنا النية الواحدة إن اتفقنا في مرحلة من المراحل، وأود في البداية أن أشير إلى أن الإباحة الشرعية ليست هي المصفاة الوحيدة التي يستعملها المسلم وهو يقرر ما يأخذ أو يدع، فالحرام بطبيعة الحال حرام، أما الحلال فرقعته واسعة بحكم أن الأصل في الأشياء الإباحة. والمسلم فردا أو مجتمعا كل منهما مطالب بأن ينظر في المباحات العديدة فيختار أنسبها وأصلحها وأوفاها.

ولا غرابة في ذلك فما ألبسه في بيتي قد لا يصلح أن ألبسه في عملي وكلاهما حلال. وسنجد لذلك تطبيقاته في موضوع منع النسل وتنظيمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>