للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمطلع على أحكام الفقه عن الجنين في باب الإرث والديات ورعاية الحامل وعبادتها وأحكامها يدرك أن للجنين في الإسلام أهلية وجوب ناقصة من حيث أن له حقوقا وإن لم تكن عليه واجبات ويزيد الأمر وضوحا أن نعلم أنه إذا حكم على امرأته بالإعدام وكانت حاملا في أية مرحلة من الحمل مهما كان باكرا فإن تنفيذ الحكم يؤجل حتى تلد وترضع احتراما لحق هذا الجنين في الحياة مهما كان باكرا وحتى لو كان الحمل من سفاح.

وأما الثالثة في مجال التحديد بعد المنع والتجهيض فجراحات التعقيم وهي كذلك موجة عالمية اجتماعية سياسية خارج نطاق الطب يدعو أهلها إلى تعقيم أعداد أزيد وأزيد في أعمار أصغر وأصغر وعدد أولاد أقل وأقل، وجراحة التعقيم محدث لم يرد فيه نص ولكن مما يدل على أن اتخاذ القرار بها أمر خطير للغاية أن نعلم أنه في باب الديات فإن الإصابة التي تفضي إلى منع القدرة على النسل تستحق دية نفس كاملة ولهذا نرى حصرها في الضرورة الطبية أو عندما تكون الفترة الإنجابية قد قاربت النهاية خاصة وفي الوسع تدبير البديل من وسائل منع الحمل المؤقتة بدلا من إجراء جراحة لا تضمن الرجعة فيها إن تغيرت الظروف بتغيير الزوجة وفقد الأولاد ويكون الندم ولات حين مندم وغير صحيح أن إعادة الخصوبة آنذاك مضمون بالجراحة كما يروج بعض الزملاء.

نقول: تنظيم النسل وتحديده فما الفرق بينهما؟ أسماء سموها فعندما ثارت اعتراضات على المنع والتحديد سموه التنظيم وأدخلوا فيه علاج العقم أي بالنقص والزيادة وقبل أن نتطرق إلى موضوع علاج العقم نشير إلى أن مسألة إرضاع الأمهات أولادهن من أثدائهن رضاعا طبيعيا حازت رضاء الإسلام بلا شك بل قدر القرآن له سنتين لمن أراد أن يتم الرضاعة ولو تم ذلك لكان أنجع وسيلة للمباعدة بين الأحمال نظرا لأن للرضاع أثرا سلبيا على الخصوبة فضلا عن ما فيه من فوائد للمواليد والوالدات جسمية ونفسية ولو كان الأمر بيدي لطوعت كل الظروف واستعنت بكل الوسائل للاستغناء عن الحليب الصناعي وتمكين الوالدات العاملات المتفرغات من أداء الرضاع الطبيعي.

وننتقل إلى علاج العقم فنقول: إن الحرص على الذرية أمر فطري وإن السعي إليها لمن حرمها مطلب مشروع ما دام يتم بوسائل مشروعة ووسائل ذلك الآن عديدة بتعدد الأسباب ولا يستطيع الطب الآن ولا نحسبه سيستطيع في المستقبل أن يكفل الشفاء في مائة بالمائة من الحالات فمن يشأ الله يبق عقيما وقد عرضت مؤتمرات طبية فقهية سابقة لطائفة من الوسائل الحديثة التي ابتكرها الطب الغربي والمعروف أنه لا يتقيد بدين وكان لعلماء المسلمين رأيهم فيها ونرى أن نوجزها هادفين إلى التذكرة عازفين عن التكرار وحبذا لو قدمنا لذلك بالأسس الشرعية التي تحكم هذا الموضوع وهي ثلاثة:

<<  <  ج: ص:  >  >>