للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنى الوعد:

٢- قال ابن سيده: وَعَدَهُ الأمر، وبه عِدَةً وَوَعْدًا وَمَوْعُودًا وَمَوْعِدًا وَمَوْعِدَةً، وهو من المصادر التي جاءت على مفعول ومَفْعِلَة، وقد تواعد القوم واتعدوا، وواعده الوقت والموضع، وواعده فوعده، وقد أوعده وتوعده، وقال الفراء: يقال وعدته خيرا ووعدته شرًّا فإذا أسقطوا الخير والشر قالوا في الخبر: وعدته، وفي الشر: أوعدته وفي الخير: الوعد والعدة، وفي الشر: الإيعاد والوعيد، فإذا قالوا: أوعدته بالشر أثبتوا الألف مع الياء، وقال ابن الأعرابي: أوعدته خيرا وهو نادر، وفي الصحاح: تواعد القوم أي: وعد بعضهم بعضًا هذا في الخير، وأما في الشر: فيقال: اتعدوا، والإيعاد أيضا قبول الوعد، وناس يقولون: إيتعد يأتعد فهو مؤتعد بالهمزة. قال ابن البري: والصواب ترك الهمزة، وكذا ذكره سيبويه وجميع النحاة (١) هذا معنى الوعد في اللغة.

٣- أما تعريف الوعد في الاصطلاح الفقهي فقد قال ابن عرفة المالكي: العدة إخبار عن إنشاء المخبر عروفًا في المستقبل. (٢)

وعرفه الفقيه الحنفي العيني: الوعد هو الإخبار بإيصال الخير في المستقبل والإخلاف جعل الوعد خلافًا، وقيل عدم الوفاء به. (٣)

وبعد النظر في التعريفين يتضح:

أ- أن التعريف الاصطلاحي للوعد اعتمد التعريف اللغوي، فقرر الوعد الذي هو للخير واستبعد الوعيد الذي هو للشر، فالوعد لا بد وأن يكون بمعروف، فحين يكون الوعد بشر فلا يجب الوفاء به. (٤)

ب- إن زمن الوفاء بالوعد هو المستقبل وليس الآن (حين الوعد) .

٤- وينبغي أن يفرق بين الوعد والنذر، لكون الوفاء بهما في المستقبل فيتشابهان من هذا الوجه، لكن هذا التشابه لا يمنع وجود الفرق بينهما فالنذر وإن كان فيه معنى الوعد، (٥) إلا أن فيه معنى القربة إلى الله تعالى، وأن في عدم الوفاء به الكفارة وليس كذلك الوعد.


(١) نقلناه عن عمدة القاري في شرح البخاري للعيني ١/٢٢٠ وانظر فتح الباري في صحيح البخاري للعسقلاني ١/٩٠ ومختار صحاح اللغة للرازي ص ٧٢٨ ط ٢.
(٢) انظر: فتح العلي المالك للشيخ عليش ١/٢٥٤
(٣) انظر عمدة القاري ١/٢٢
(٤) قال العسقلاني: المراد بالوعد الوعد بالخير أما الوعد بالشر فيستحب إخلافه وقد يجب ما لم يترتب على ترك إنفاذه مفسدة انظر فتح الباري ١/٩٠
(٥) لذلك عرف الماوردي والروياني النذر بأنه: الوعد بخير خاصة. وعند غيرهما: التزام قربة لم تتعين (انظر مغني المحتاج ٤/٣٥٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>