للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥- وهناك فرق بين الوعد والعهد. فإن العهد في اللغة: الأمان واليمين والموثق والذمة والحفاظ والوصية فتقول: عهد الله علي لأفعلن كذا، (١) أما معنى الوعد في اللغة فهو ما تقدم، لذلك فقد قيل للتفريق بين الوعد والعهد: العهد فيما تعبد الله به من أمور الدين، أو ما يكون بين العباد مما يكون بخلفه إتلاف مال أو نفس أو إدخال ضرر كثير.

وأما الوعد ففيما لا يتعلق ذلك به حق لمخلوق، وكان في خلفه كالساهي، أو ما لا يؤدي ذلك إلى كثير ضرر، فمن نقض عهده فذلك من كبائر الذنوب ويبلغ به الهلاك، ومن أخلف وعده كان آثمًا ولا يبلغ فاعلوه إلى الكفر والهلاك والله أعلم. (٢)

ومع ما نقلناه فإن العسقلاني ذكر أنه قد يتحد معناهما، (٣) ولعل ما يؤيد قول العسقلاني قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آَتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٧٦) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} (٤) إذ بدأ الذكر الحكيم بقوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} فلما أخلفوا رتب عليهم ما رتب ثم علله بقوله: {بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ} .

٦- ويفرق بين الوعد والجعالة بأن في الجعالة معنى المعاوضة فإن الجاعل يلتزم بفعل خير للمجعول له مقابل قيام الأخير بعمل يطلبه الجاعل مقابل الجعل، أما الوعد فهو التزام عمل معروف لآخر بدون مقابل.


(١) مختار الصحاح ص٤٦٠
(٢) انظر كتاب المصنف المجلد الأول الجزء الثاني ص ٢٠٠ تأليف أبي بكر أحمد بن عبد الله بن موسى الكندي (ت ٥٥٧هـ) تحقيق عبد المنعم عامر والدكتور جاد الله أحمد / إصدار وزارة التراث القومي والثقافة في سلطنة عمان مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه. وهو من كتب الإباضية؛ لذلك فإن قولهم بإثم مخلف الوعد مخالف لرأي الجمهور من الفقهاء كما سيأتي.
(٣) فتح الباري ١/٩٠
(٤) سورة التوبة الآية (٧٥-٧٧) ، وسبب نزول الآية هو عهد ثعلبة بن حاطب بالصدقة إذا أعطاه الله المال، فلما أعطاه أخلف وعده (انظر سبب نزول الآية في تفسير الجلالين) .

<<  <  ج: ص:  >  >>