للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جـ- إن المراد بإطلاق النفاق الإنذار والتحذير للمسلم عن ارتكاب هذه الخصال أو اعتيادها، والتي يخاف عليه أن تفضي به إلى حقيقة النفاق، وهذا المعنى حكاه الخطابي وارتضاه، ودعم هذا التفسير بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((: التاجر فاجر وأكثر منافقي أمتي قراؤها)) فإن معناه التحذير من الكذب إذ هو في معنى الفجور فلا يوجب أن يكون التجار كلهم فجارا، والقراء قد يكون من بعضهم قلة إخلاص في العمل وبعض الرياء، وهو لا يوجب أن يكونوا كلهم منافقين، ثم إن النفاق ضربان: أحدهما- يظهر الإيمان ويبطن الكفر وهكذا كان المنافقون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والثاني- ترك المحافظة على أمور الدين ومراعاتها علنًا وهذا أيضًا يسمى نفاقًا، كما جاء ((:سباب المؤمن فسوق، وقتاله كفر)) وإنما هو كفر دون كفر وفسق دون فسق، وكذلك فهو نفاق دون نفاق (١) .

د- إن الحديث ورد في رجل منافق بعينه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يواجههم بصريح القول فيقول: يا فلان أنت منافق أو: فلان منافق، بل كان صلى الله عليه وسلم يشير إشارة كقوله عليه السلام: ((: ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا)) فههنا عبر بالآية- آية المنافق – حتى يعرف ذلك الشخص بها، وهذا المعنى حكاه الخطابي (٢) .

وقال العسقلاني: إن أصحاب هذا التفسير قد استدلوا بأحاديث ضعيفة لو صحت لوجب المصير إليها (٣) .

هـ- إن المراد بالحديث: المنافقون الذين كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فحدثوا بإيمانهم وكذبوا، وائتمنوا على دينهم فخانوا، ووعدوا في أمر الدين ونصره فأخلفوا وفجروا في خصوماتهم، وهذا قول سعيد بن جبير، وعطاء بن أبي رباح ورجع إليه الحسن البصري أن كان على خلافه (٤) .

إلا أن ابن رجب الحنبلي نفى أن يكون الحسن البصري قد رجع إلى قول عطاء (٥) .

وقال القاضي عياض الفقيه المالكي بأن كثيرا من أئمتنا مالوا إلى هذا الرأي (٦) .


(١) فتح الباري ١/٩٨ عمدة القاري ١/٢٢٢ مسلم بشرح النووي ٢/٤٧
(٢) مسلم بشرح النووي ٢/٤٧
(٣) فتح الباري ١/.٩.
(٤) مسلم بشرح النووي ٢/٤٧ عمدة القاري ١/٢٢٢، جامع العلوم والحكم ص٤٠٣
(٥) جامع العلوم والحكم ص ٤٠٣ حيث ذكر أن خبر الحسن هذا ذكره الشيخ محمد محرم وهو شيخ كذاب معروف بالكذب
(٦) عمدة القاري ١/٢٢٢ مسلم بشرح النووي ٢/٤٧

<<  <  ج: ص:  >  >>