للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٦- الدليل السابع- أورد ابن حزم جملة أحاديث استدل بها من أوجب الوفاء بالوعد ثم ضعفها، من ذلك (١) :

عن طريق الليث عن ابن عجلان: ((أن رجلا من موالي عبد الله بن عامر بن ربيعة العدوي حدثه عن عبد الله بن عامر قالت لي أمي: ها تعال أعطك، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أنك لو لم تعطه شيئا كتبت عليك كذبة)) (٢) .

قال عنه ابن حزم: هذا الحديث ليس بشيء؛ لأنه عمن لم يسم. والآخر: من طريق ابن وهب عن إسماعيل بن عياش عن أبي إسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ولا تعد أخاك وعدا فتخلفه فإن ذلك يورث بينك وبينه عداوة)) قال عنه ابن حزم: حديث مرسل وابن عياش ضعيف. وأضاف ابن حزم: كان على أبي حنيفة ومالك أن يقولا بوجوب الوفاء بالوعد مطلقا؛ لأنهما يحتجان بالمراسيل، أي أن كلام ابن حزم يعني: لو أن الوفاء واجب لتناقض أبو حنيفة ومالك في قولهما بعدم وجوب الوفاء مع أصلهم بالأخذ بالمراسيل.

٢٧-الدليل الثامن – ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا وعد وعدًا قال: عسى)) ، وكان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لا يعد وعدًا إلا ويقول: إن شاء الله، وقد حمل الغزالي ذلك بعد ذكره أنه إذا جزم في الوعد فلا بد من الوفاء إلا أن يتعذر فإن كان عند الوعد جازما على أن لا يفي فهذا هو النفاق (٣) ، لكن صاحب مرقاة المفاتيح قال بعد نقل هذا عن الغزالي (٤) .

وهذا كله يؤيد الوجوب إذا كان الوعد مطلقا غير مقيد بعسى أو المشيئة ونحوهما مما يدل على أنه جازم في وعده فقول الغزالي محل بحث.


(١) المحلى ٨/٢٩ وانظر جامع العلوم والحكم لابن رجب ص٤٠٤
(٢) رواه أبو داود والبيهقي في شعب الإيمان انظر مرقاة المفاتيح ٤/٦٤٨
(٣) إحياء علوم الدين٣/١٣٣
(٤) مرقاة المفاتيح ٤/٦٥٣

<<  <  ج: ص:  >  >>