للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٦- وحين يعد شخص آخر بالبيع ويعده الآخر بالشراء فإنه وعد ملزم للجانبين، وقد أسماه رجال القانون بالاتفاق الابتدائي. والفرق بين الاتفاق الابتدائي والاتفاق النهائي، هو أن الاتفاق الابتدائي تم ليستكمل المتواعدان مستلزمات العقد النهائي، كاستشارة آخرين أو تهيئة ثمن، في حين أن الاتفاق النهائي يعتبر عقدًا ناقلا للملكية لا يتوقف على شيء (١) .

وليس لهذا شبه في الفقه الإسلامي؛ لأن الاتفاق على البيع يعتبر على رأي الفقه الإسلامي عقدا كاملا صحيحا؛ لأنه تم بإيجاب وقبول، نعم هناك عقود تتم وفيها خيار الشرط أو خيار الرؤية، ففي هذه العقود يتم العقد صحيحا لكن لزومه متوقف على أمر آخر هو الخيار، فإذا اختار صاحب الخيار الإمضاء مضى العقد وإن اختار الفسخ ألغى العقد.

٣٧- على أن الدكتور حسن علي الذنون يرى تنافيا بين فكرة عينية العقود مع فكرة الوعد بالتعاقد، فلا عبرة عنده بالوعد بالتعاقد في القرض (٢) وذلك بناء على أن العقود العينية لا تتم إلا بقبض محل العقد.

وبناء على رأي الدكتور الذنون فإن فكرة الوعد في القانون تختلف تمامًا مع فكرة الوعد في الفقه الإسلامي؛ وذلك لأن مجال الوعد في الفقه الإسلامي هو عقود التبرعات التي هي من العقود العينية باصطلاح رجال القانون، ولا مجال للوعد في عقود المعاوضات في حين أن رأي الدكتور الذنون: أن مجال الوعد هو عقود المعاوضات ويتنافى مع عقود التبرعات (العينية) ، ورأي الدكتور الذنون لا يتفق مع رأي الدكتور السنهوري الذي يرى جواز الوعد في كل العقود.

٣٨- هذا وإن الوعد في النكاح لا ينشئ التزاما في ذمة الواعد على رأي القانون (٣) ، وهو متفق مع الفقه الإسلامي؛ لأن إلزام الواعد يؤدي إلى قيام الزوجية في ظل الإكراه.

الدكتور محمد رضا عبد الجبار العاني


(١) المراجع السابقة
(٢) أصول الالتزام للدكتور الذنون ص٦٨
(٣) الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد للأستاذ الزرقا ١/٣٤٦ هامش

<<  <  ج: ص:  >  >>