للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأي القانون في الوعد:

٣٥- يذهب علماء القانون إلى أن الوعد عقد (عقد الوعد) ينعقد بإيجاب وقبول من الواعد والموعود له، ويجوز أن يكون أي عقد موضوعا للوعد سواء كان عقدًا رضائيا يتم بإيجاب وقبول، أم عينيا يتم بإيجاب وقبول مع قبض محل العقد؛ لذلك يجوز الوعد بالبيع والإيجار والقرض والرهن وغير ذلك من العقود (١) ، فعلى هذا إذا وعد شخصٌ آخرَ بأن يبيعه قطعة أرض في وقت معلوم فإن التزاما قد ترتب على الواعد فيجب عليه الوفاء بالتزامه، وكذلك إن وعد بقرض يجب عليه الوفاء، وقد خالف القانون مذهب فقهاء الشريعة الإسلامية قاطبة في إجازته الوعد بعقود المعاوضات، فنظر فقهاء الشريعة على أن عقود المعاوضات ليست من التبرعات فلا يدخلها الوعد، إضافة إلى أن عقود المعاوضات إنما هي عقود تمليك وطبيعة عقود التمليك أن يكون طريقها الجزم لا الوعد المستقبل، فلا ينفض مجلس العقد إلا وقد انعقدت وترتب عليها حكمها وإلا فلا أثر للوعد فيها، أما رجال القانون فقد أعطوا للوعد في البيع والشراء حكم العقد الموعود به من ترتيب حق شخصي للموعود له على الواعد، وقيدوه بقيود يلتزم من خلالها بالوفاء بوعده وحيث أخل بوعده فإن عليه التعويض، وأنت ترى أن هذا تحكم في ملكية الواعد وحريته في تصرفه في ملكه، مع أن العقد الناقل للملكية لم يتم بعد. وإنما يتم حين يبدي الموعود له رغبته والتي حدد لظهورها مدة معلومة.

وإذا كان رجال القانون قد خالفوا فقهاء الشريعة في جواز الوعد في عقود المعاوضات إلا أنهم وافقوهم في جواز الوعد في عقود التبرعات وفاقًا لمذهب ابن شبرمة وموافقيه في لزوم الوعد بها مطلقا.


(١) راجع مسألة الوعد بالتعاقد: نظرية العقد للدكتور السنهوري ص٢٦٢، الوسيط للسنهوري ١/٢٦٥ أصول الالتزام للدكتور حسن على الذنون ص٦٧ مطبعة المعارف، الوسيط في نظرية العقد للدكتور عبد المجيد الحكيم ١/١٩٣، الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد للأستاذ الزرقاء ١/٣٤٦

<<  <  ج: ص:  >  >>