للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المواعدة في مذهب الأحناف

المعروف عن الحنفية أنهم لا يقولون بوجوب إنجاز الوعد، قال بدر الدين العيني: أما الوعد فاختلف الفقهاء فيه، قال أبو حنيفة والشافعي والأوزاعي:

لا يلزم من العدة؛ لأنها منافع لم تقبض فلصاحبها الرجوع فيها. (١)

وقال: وقد تنزل الهبة التي لم تقبض بمنزلة الوعد بها. وقال المهلب: إنجاز الوعد مندوب إليه وليس بواجب، والدليل على ذلك اتفاق الجميع على أن من وعد بشيء لم يضرب به مع الغرماء، ولا خلاف أنه مستحسن ومن مكارم الأخلاق. (٢)

ونصت مجلة الأحكام العدلية في المادة ١٧١ على أن صيغة الاستقبال التي هي بمعنى الوعد المجرد مثل: سأبيع وأشتري لا ينعقد بها البيع، قال شراحها المرحوم علي حيدر: صيغة الاستقبال في اللغة العربية هي المضارع المقترن بالسين أو سوف كأن يقال: سأبيعك أو سوف أبيعك، وإنما لا ينعقد البيع بها؛ لأنها وعد مجرد وفي معنى المساومة في البيع. (٣)

لكن ذهب فريق منهم إلى القول بلزوم المواعيد لحاجة الناس إليها، وأما الحاجة التي دعتهم إلى القول بلزومها فهي بمناسبة البيع الذي اعتاده أهل سمرقند ويسمونه بيع الوفاء.

وقد اختلفوا فيه على أقوال، وقد ذكر في البزازية تسعة أقوال في بيع الوفاء، والمعروف في كتبهم أن بعضهم يعتبره رهنًا، وهو القول المعتبر عند فقهائهم وبعضهم يراه بيعًا، قال قاضيخان: الصحيح أن العقد الذي جرى بينهما إن كان بلفظ البيع لا يكون رهنًا؛ لأن كلًّا منهما عقد مستقل شرعًا لكل منهما أحكام مستقلة بل يكون بيعًا. (٤)


(١) عمدة القاري ١١ - ٦٠
(٢) عمدة القاري ص ٦١
(٣) درر الحكام شرح مجلة الأحكام ١- ١٢٠
(٤) درر الحكام شرح مجلة الأحكام

<<  <  ج: ص:  >  >>