للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومبنى الخلاف على اعتباره رهنًا أو بيعًا، هو الخلاف في أن العبرة في العقود، هل هو للمقاصد والمعاني أم للألفاظ والمباني؟ فمن قال بالأول قال: إن بيع الوفاء هو في الحقيقة رهن، والمبيع في يد المشتري كالرهن في يد المرتهن لا يملكه، ولا يطلق له في الانتفاع إلا بإذن مالكه، وهو ضامن لما أكل من ثمره واستهلكه من شجره، والدَّيْن يسقط بهلاكه إذا كان به وفاء الدَّيْن، ولا ضمان عليه في الزيادة إذا هلك عن غير صنعه، وللبائع استرداده إذا قضي دَيْنه، لا فرق بينه وبين الرهن في حكم من الأحكام؛ لأن المتعاقدين وإن سمياه بيعًا ولكن غرضهما الرهن والاستيثاق بالدَّيْن؛ لأنَّ البائع يقول لكل أحد بعد هذا العقد: رهنت ملكي فلانًا، والمشتري يقول: ارتهنت ملك فلان، والعبرة في التصرفات للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني. (١)

ومن قال: العبرة للألفاظ اعتبره بيعًا جاء في مجموع النوازل: اتفق مشايخنا في هذا الزمان على صحته بيعًا على ما كان عليه بعض السلف؛ لأنهما تلفظا بلفظ البيع من غير ذكر شرط فيه، والعبرة للملفوظ نصًّا دون المقصود، فإن من تزوج امرأة ومن نيته أن يطلقها بعدما جامعها صح العقد. (٢)

وهؤلاء احتاجوا إلى القول بلزوم المواعدة؛ لأن المتعاقدين وفاء يشترطون الفسخ في العقد والبيع يفسد بالشروط عندهم.

قالوا: وكذا يفسد أيضًا إن لم يشترط الفسخ، ولكن تلفظا بلفظ البيع بشرط الوفاء؛ لأن هذا الشرط مفسد له.

أو تلفظا بالبيع الجائز وعندهما أي والحال أن في زعمها هو بيع غير لازم، فإنه أيضًا يفسد حينئذ بزعمهما.


(١) جامع الفصولين ١-٢٣٤، درر الحكام شرح غرر الأحكام لملا خسرو ٢ - ٢٠٧
(٢) جامع الفصولين ١-٢٣٤، درر الحكام شرح غرر الأحكام لملا خسرو ٢ - ٢٠٧

<<  <  ج: ص:  >  >>