للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* وفي الختام تجدر الإشارة إلى أن النافين لوجوب الوفاء بالوعد حيث نفوه:

أ- حملوا المحظور الذي نهى الله عنه ومقت فاعله عليه في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: ٢-٣] على من وعد وفي ضميره ألا يفي بما وعد. أو على الإنسان الذي يقول عن نفسه من الخير ما لا يفعله (١) .

ب- وأجابوا على استدلال الموجبين للوفاء بالوعد المجرد بحديث " آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان": بأن ذم الإخلاف إنما هو من حيث تضمنه الكذب المذموم إن عزم على الإخلاف حال الوعد، لا إن طرأ له (٢) . وقال الغزالي:

" وهذا ينزل على من وعد وهو على عزم الخلف أو ترك الوفاء من غير عذر، فأما من عزم على الوفاء فعن له عذر منعه من الوفاء لم يكن منافقا، وإن جرى عليه ما هو صورة النفاق" (٣) .

* وأن أكثر الفقهاء نصوا على أنه ينبغي للواعد أن يستثني في وعده بقوله: " إن شاء الله " غير أنهم اختلفوا في حكم هذا الاستثناء:

- فقال الإمام الغزالي: هو الأولى (٤) .

- وقال العلامة الجصاص: إن لم يقرنه بالاستثناء فهو مكروه (٥) .

- وقال الحنابلة والظاهرية: يحرم الوعد بغير استثناء (٦) .

ودليل الاستثناء قوله تعالى {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف آية ٢٣، ٢٤] .

ولأن الواعد لا يدري هل يقع منه الوفاء أم لا؟ فإذا استثنى وعلق بالمشيئة الإلهية خرج. عن صورة الكذب في حال التعذر.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

الدكتور نزيه كمال حماد


(١) أحكام القرآن للجصاص ٣/٤٤٢
(٢) مرقاة المفاتيح للملا علي القاري ١/ ١٠٦، الحموي على الأشباه والنظائر ٢/١١٠
(٣) إحياء علوم الدين ٣/١١٥، وانظر الفتوحات الربانية لابن علان ٦/٢٥٩
(٤) إحياء علوم الدين ٣/١١٥
(٥) أحكام القرآن للجصاص ٣/٤٤٢
(٦) كشاف القناع ٦/٢٧٩، شرح منتهى الإرادات ٣/٤٥٦، المبدع ٩/٣٤٥، المحلى ٨/٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>