للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأساس ذلك: أن الإنسان إذا أنبأ غيره بأنه سيفعل أمرًا فالمستقبل مرغوبًا له، فإذا كان ذلك الأمر غير واجب عليه، فإنه لا يلزمه بمجرد الوعد؛ لأن الوعد لا يغير الأمور الاختيارية إلى الوجوب واللزوم، أما إذا كانت المواعيد مفرغة في قالب التعليق، فإنها تلزم لقوة الارتباط بين الشرط والجزاء، من حيث إن حصول مضمون الجزاء موقوف على حصول شرطه، وذلك يكسب الوعد قوة، كقوة الارتباط بين العلية والمعلولية، فيكون لازما (١) .

وحكى العلامة الحموي أن الوعد إذا صدر معلقا على شرط، فإنه يخرج عن معنى الوعد المجرد، ويكتسي ثوب الالتزام والتعهد، فيصبح عندئذ ملزما لصاحبه، قال: " لأنه إذا كان معلقا يظهر منه معنى الالتزام، كما في قوله: إن شفيت أحج. فشفي، يلزمه، ولو قال: أحج. لم يلزمه بمجرده " (٢) .

على أن الحنفية إنما اعتبروا الوعود بصور التعاليق لازمة إذا كان الوعد مما يجوز تعليقه بالشرط شرعًا حسب قواعد مذهبهم، حيث إنهم أجازوا تعليق الإطلاقات والولايات بالشرط الملائم دون غيره، وأجازوا تعليق الإسقاطات المحضة بالملائم وغيره من الشروط، أما التمليكات- كالبيع والإجارة والهبة ونحوها- وكذا التقييدات، فإنه لا يصح تعليقها شرعًا بالشرط عندهم. فليتأمل (٣) .


(١) شرح المجلة للأتاسي ١/٢٣٨، ٢٣٩
(٢) حاشية الحموي على الأشباه والنظائر ٢/١١٠، وانظر الفتاوى البزارية ٦/٣، شرح المجلة لعلي حيدر ١/٧٧
(٣) شرح المجلة للأتاسي ١/٢٣٣، ٢٣٤، ٢٣٩

<<  <  ج: ص:  >  >>