للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(والثالث) أن الوفاء بالوعد مستحب، فلو تركه فاته الفضل، وارتكب المكروه كراهة تنزيه شديدة، ولكن لا يأثم، وهو رأي جمهور الفقهاء من الشافعية والحنابلة والظاهرية وغيرهم (١) .

قال ابن علان الشافعي: " قد تقرر في مذهبنا أن الوفاء بالوعد مندوب لا واجب " (٢) . وجاء في " المبدع" لبرهان الدين ابن مفلح: "لا يلزم الوفاء بالوعد، نص عليه " أي الإمام أحمد – وقاله أكثر العلماء " (٣) .

(والرابع) أن الوفاء بالوعد أفضل من عدمه إذا لم يكن هناك مانع، وهو رأي الإمام أبي بكر الجصاص القائل: " وكذلك الوعد بفعل يفعله في المستقبل، وهو مباح، فإن الأولى الوفاء به مع الإمكان " (٤) .

(والخامس) أن الوفاء بالوعد المجرد غير واجب، أما الوعد المعلق على شرط، فإنه يكون لازمًا، وهو مذهب الحنفية. جاء في الأشباه والنظائر لابن نجيم: " وفي القنية: وعده أن يأتيه فلم يأته، لا يأثم. ولا يلزم الوعد إلَّا إذا كان معلقًا " (٥) . وجاء في الفتاوى البزازية:

" إن المواعيد باكتساء صور التعليق تكون لازمة " (٦) ونصت المادة " ٨٤" من مجلة الأحكام العدلية المواعيد بصور التعاليق تكون لازمة.

مثال ذلك: لو قال شخص لآخر: ادفع ديني من مالك، فوعده الرجل بذلك، ثم امتنع عن الأداء، فإنه لا يلزم الواعد على أداء الدين، أما لو قال رجل لآخر بع هذا الشيء لفلان، وإن لم يعطك ثمنه فأنا أعطيه لك، فلم يعط المشتري الثمن، لزم الواعد أداء الثمن المذكور بناءً على وعده (٧) .


(١) الأذكار للنووي (مطبوع مع الفتوحات الربانية) ٦/٢٥٨، إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين للغزالي ٧/٥٠٧، كشاف القناع ٦/٢٧٩، شرح منتهى الإرادات ٣/٤٥٦، المحلى لابن حزم ٨/٢٨
(٢) الفتوحات الربانية ٦/٢٦٠
(٣) المبدع ٩/٣٤٥
(٤) أحكام القرآن للجصاص ٣/٤٤٢
(٥) الأشباه والنظائر لابن نجيم. كتاب الحظر والاباحة ص٣٤٤
(٦) الفتاوى البزازية (مطبوع بهامش الفتاوى الهندية) ٦/٣
(٧) شرح المجلة لعلي حيدر ١/٧٧

<<  <  ج: ص:  >  >>