للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حكي هذا القول عن ابن شبرمة (١) ، وإليه ذهب العلامة تقي الدين السبكي (٢) ، وهو وجه في مذهب أحمد اختاره الإمام تقي الدين ابن تيمية (٣) ، وقول في مذهب المالكية صححه ابن الشاط في حاشيته على الفروق (٤) .

وحجتهم على هذا الرأي قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: آية ٢، ٣] .

وما روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان)) . (٥)

(والثاني) أن الوفاء بالوعد واجب إلا لعذر، وهو رأي القاضي ابن العربي، فإنه قال: "والصحيح عندي أن الوعد يجب الوفاء به على كل حال إلا لعذر" (٦) وقال أيضًا: "وإذا وعد وهو ينوي أن يفي، فلا يضره إن قطع به عن الوفاء قاطع، كان من غير كسب منه، أو من جهة فقر، أقضى ألا يفي للموعود بوعده، وعليه يدل حديث أبي عيسى –أي الترمذي - عن زيد بن أرقم: ((إذا وعد الرجل وهو ينوي أن يفي به، فلم يف فلا جناح عليه)) ، وهو غريب ضعيف". (٧)

وإلى هذا الرأي مال الإمام الغزالي، حيث قال في الوعد: " فلا بد من الوفاء إلا أن يتعذر "، ثم نزل النفاق المذكور في الحديث ((وإذا وعد أخلف)) : على من ترك الوفاء بالوعد من غير عذر. (٨)


(١) حكاه ابن حزم في المحلى ٨/٢٨، وبرهان الدين ابن مفلح في المبدع ٩/٣٤٥
(٢) ذكر ذلك ابنه التاج السبكي في طبقات الشافعية الكبرى ١٠/٢٣٢
(٣) الاختيارات الفقهية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية للبعلي ص ٣٣١، المبدع ٩/ ٣٤٥
(٤) حاشية ابن الشاط على الفروق للقرافي ٤/٢٤
(٥) صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري ٥/٢٨٩، صحيح مسلم ١/٧٨
(٦) أحكام القرآن لأبي بكر ابن العربي ٤/١٨٠٠
(٧) عارضة الأحوذي لابن العربي ١٠/١٠٠
(٨) الإحياء للغزالي ٣/١١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>