وقبل أن أُفَصِّلَ القول في الوفاء بالوعد، أحب أن أرد على بعض الجزئيات من كلام الأخ الأشقر فقد سأل عن مصدر قول ابن شبرمة، وأقول له:
أقرب مصدر له نعرفه هو " المحلى" لابن حزم، فقد قال:
وقال ابن شبرمة: الوعد كله لازم، ويقضى به على الواعد ويجبر (١) .
وأما الادعاء بأن قوله غير محرر ولا مبين، لأنه لم يكن له أتباع يحررون مذهبه، فهو ادعاء مرفوض، ويترتب عليه رفض أقوال جميع فقهاء الصحابة والتابعين ومن بعدهم ممن لا أتباع لهم يقلدونهم. ومعنى هذا رفض آراء جميع علماء الأمة إلا أربع أشخاص فقط، هم أصحاب المذاهب المتبوعة عن أهل السنة! فهل يلتزم الشيخ الأشقر هذه النتيجة ويقبلها؟ لا أحسب ذلك.
وأما الرد على قول الشيخ بدر بأن الأخذ بالإلزام بالوعد أيسر على الناس ويضبط المعاملات، بأن اختلاف العلماء لا يجيز لنا الأخذ بما هو أيسر من أقوالهم بل بما هو أرجح دليلا، ففي هذا الرد نظر؛ لأن المقصود أنه عند تكافؤ الأدلة أو تقاربها يكون الأخذ بالأيسر من دلائل الترجيح؛ لأن الشريعة مبناها على اليسر ورفع الحرج، وخصوصا في أمور المعاملات، وقد يأخذ الإنسان بالأحوط في خاصة نفسه، أما إذا أفتى للعموم فليراع التيسير، ولهذا أثر عن علمائنا في مثل هذه القضايا هذه العبارة: هذا أرفق بالناس. على أن فتوى الشيخ بدر حفظه الله قرنت بالتيسير معنى آخر لم يذكره المعقب، فقد قالت: هذا أيسر على الناس ويضبط المعاملات فلا ينبغي أن يفصل المعنى الأخير عن الأول.