(تنبيه) وأما الفرق بين ما يدل على الالتزام وما يدل على العدة فالمرجع فيه إنما هو إلى ما يفهم من سياق الكلام وقرائن الأحوال بحيث دل الكلام على الالتزام ولهذا قال الشيخ خليل في مختصره في باب الخلع: ولزمت البينونة إن قال: إن أعطيتني ألف فارقتك أو أفارقك إن فهم الالتزام أو الوعد إن ورطها فالشرط في قوله إن ورطها راجع إلى الوعد قال في التوضيح كما لو باعت قماشا أو كسرت حليها والله تعالى أعلم، ولا يفرق بين العدة والالتزام بصيغة الماضي والمضارع كما قد يتبادر للفهم من كلام ابن رشد في رسم حلف من سماع عيسى من كتاب الأيمان بالطلاق وسيأتي في الباب الثالث إن شاء الله تعالى ذكره بتمامه فإن الالتزام قد يكون بصيغة المضارع إذا دلت القرائن عليه كما يفهم من كلام الشيخ خليل الماضي في مسألة الخلع ومن كلام ابن رشد المتقدم قريبا من كلام أصبغ الآتي في الفرع بعد هذا نعم صيغة الماضي دالة على الالتزام وإنفاذ العطية والظاهر من صيغة المضارع الوعد إلا أن تدل قرينة على الالتزام كما يفهم من كلام ابن رشد فتأمله والله تعالى أعلم.
(فرع) قال أصبغ في سماع عيسى من كتاب العدة لو سألك مديان أن تؤخره إلى أجل كذا وكذا فقلت أؤخرك لزمك تأخيره إلى الأجل، قلت: سواء قلت أنا أؤخرك أو قد أخرتك قال: نعم سواء في الحكم عليك غير أن قولك أنا أؤخرك عدة تلزمك وقولك قد أخرتك شيء واجب عليك كأنه من أصل حقك لم تبتدئه الساعة وكلاهما يلزمك الحكم به غير أن قولك قد أخرتك أوجبهما وأوكدهما. اهـ. ونقل هذا في الذخيرة واقتصر عليه وهو جار على قول أصبغ في القضاء بالعدة إذا كانت على سبب وإن لم يدخل بسببه في شيء وأما على المشهور فإنما يلزمه في قوله: أؤخرك إذا ورطه بذلك أو تدل قرينة على أنه أراد التأخير لا الوعد به فتأمله وهو يبين لك ما ذكرته من أن صيغة الماضي دالة على الالتزام، وصيغة المضارع إنما تدل عليه مع قرينة، ولم يتكلم ابن رشد على هذه المسألة بشيء بل قال: مضى تحصيل فيها سماع ابن القاسم من كتاب العارية ويشير إلى ما تقدم من الأقوال الأربعة في القضاء بالعدة.