للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو بدليل مخالفته يفيد أن إخلاف الوعد مذموم، وهذا المفهوم قد جاء مصرحا به في آيات من الكتاب كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: ٢-٣] . وقال تعالى: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} . [التوبة: ٧٧] .

والسنة طافحة بهذا، ومنه حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((آية المنافق ثلاث: إذا وعد أخلف ... )) الحديث.

هذا من حيث الوفاء بالوعد بصفة عامة. أما (الوعد المالي) فإن العلماء يجرون الخلاف في حكم الوفاء به (قضاء) على أساس حقيقته الاصطلاحية التي تواضعوا عليها وهي كما قال ابن عرفة المالكي رحمه الله تعالى (١) (الوعد: إخبار عن إنشاء المخبر معروفا في المستقبل) . فهو (الوعد المعروف) وعلى هذا يدور كلامهم في حكم الإلزام به كما حكى الشيخ عليش الخلاف بعد بيان الحقيقة المذكورة له.

وعليه تجده مبحثا مشتركا بين: المفسرين، والمحدثين والفقهاء، وكتب الرقائق وفضائل الأعمال، كما ساق البخاري رحمه الله تعالى بعض الأحاديث في (العِدَة) في كتابه (الأدب المفرد) والنووي في (الأذكار) .

أما هذا النوع الجديد من (الوعد التجاري) الذي يريد به العميل مع المصرف: تداول سلعة بالثمن والربح ولما تحصل ملكيتها بعد، فإن خلافهم في (الوعد) لا ينسحب على هذا بل هو يتنزل على حد حديث حكيم بن حزام وما في معناه (لا تبع ما ليس عندك) ، وعلى مسألة (البيع المعلق) .


(١) فتاوى عليش١/٢٥٤. الأذكار ص/ ٢٧٠، الأدب المفرد مع شرحه، بيع المرابحة للشيخ الأشقر: وهو مهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>