للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- قال الإمام الشافعي: " وإذا أرى الرجل الرجل السلعة فقال: اشتر هذه وأربحك فيها كذا، فاشتراها الرجل، فالشراء جائز والذي قال: أربحك فيها بالخيار، إن شاء أحدث فيها بيعا، وإن شاء تركه، وهكذا إن قال: اشتر لي متاعا، ووصفه له، أو متاعا أي متاع شئت، وأنا أربحك فيه، فكل هذا سواء، يجوز البيع الأول، ويكون هذا فيما أعطى من نفسه بالخيار، وسواء هذا ما وصفت إن كان قال: ابتاعه وأشتريه منك بنقد، أو بدَيْن، يجوز البيع الأول، ويكونان بالخيار في البيع الآخر، فإن جدداه جاز، وإن تبايعا به على أن ألزما أنفسهما الأمر الأول فهو مفسوخ من قبل شيئين: أحدهما أنهما تبايعا قبل أن يملكه البائع، والثاني أنه على مخاطرة إنك إن اشتريته على كذا أربحك فيه كذا " (١) .

٣- قال الإمام محمد بن الحسن الشيباني: " قلت: أرأيت رجلًا أمر رجلا أن يشتري دارا بألف درهم وأخبره أنه إن فعل اشتراها الآمر بألف درهم ومائة درهم، فأراد المأمور شراء الدار، ثم خاف إن اشتراها أن يبدو للآمر فلا يأخذها، فتبقى في يد المأمور، كيف الحيلة في ذلك؟ قال: يشتري المأمور الدار على أنه بالخيار ثلاثة أيام، ويقبضها ويجيء الآمر، ويبدأ فيقول: قد أخذت منك هذه الدار بألف ومائة درهم، فيقول المأمور: وهي لك بذلك، فيكون ذلك للآمر لازما، ويكون استيجابا من المأمور للمشتري، وإن لم يرغب الآمر في شرائها تمكن المأمور من ردها بشرط الخيار، فيدفع عنه الضرر بذلك" (٢) اهـ.

هذه النصوص الفقهية لثلاثة من كبار أئمة الفقه تبين لنا بوضوح أن بيع المرابحة للآمر بالشراء الذي تمارسه البنوك الإسلامية ليس أمرا جديدا، كما يتوهمه بعض الباحثين، وتبين لنا من هذه النصوص أن السلعة التي يطلب الآمر شراءها قد تكون معينة، وقد تكون موصوفة، وقد لا تكون معينة ولا موصوفة كما في عبارة الشافعي: " أو متاعا أي متاع شئت "، كما تبين لنا أن الآمر بالشراء قد يشتري السلعة بنقد وقد يشتريها إلى أجل، وفي الحالين يكون الشراء بربح محدد.


(١) الأم للشافعي ٣/٣٣
(٢) كتاب الحيل رواية السرخسي ٧٩

<<  <  ج: ص:  >  >>