هذه المعاملة لا تجوز عند هؤلاء الأئمة الثلاثة إذا كانت ملزمة للطرفين، وهذا واضح من عبارة الشافعي، " وإن تبايعا به على أن ألزما أنفسهما الأمر الأول فهو مفسوخ "، وواضح أيضا من عبارة الباجي التي شرح بها قول مالك وهي:" ولا يمتنع أن يوصف بذلك من وجهة أنه قد لزم مبتاعه بأجل بأكثر من الثمن "، أما الإمام محمد فإن إرشاده المأمور إلى استعمال خيار الشرط يدل على أنه يرى أن إلزام الآمر بالشراء غير جائز؛ لأنه لو كان جائزا لم تكن هناك حاجة إلى الحيلة.
والتعليل الذي يؤخذ من أقوال هؤلاء الأئمة للحكم بعدم جواز الإلزام هو:
١- أن البيع مع الإلزام يكون قد وقع قبل أن يملك البائع السلعة، كما يقول الشافعي، والباجي.
٢-أن الإلزام يجعل هذه المعاملة داخلة في " بيعتين في بيعة" المنهي عنها " كما يقرر الباجي.
٣- أن الإلزام يجعل في المعاملة مخاطرة: " إنك إن اشتريته بكذا أربحك فيه كذا"، كما يقول الشافعي.
٤- أن في هذه المعاملة سلف وزيادة، كما يقول الباجي.
وهذه كلها معان تمنع جواز البيع، والأظهر منها عندي هو المانع الأول، وهو أن الإلزام بالوعد يجعل هذه المعاملة من قبيل بيع الإنسان ما لا يملك.
ويفهم من أقوال هؤلاء الأئمة الثلاثة أن هذه المعاملة تجوز إذا جعل للطرفين الخيار، أو جعل الخيار لأحدهما، وقد صرح الإمام الشافعي بهذا، بل إن الشافعي جعل الخيار للمشتري من غير شرط، وحكم بأن اشتراط الإلزام مفسد لعقد البيع بين الآمر والمأمور.