للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل تضاف نفقات المبيع على رأس المال:

ذكرنا فيما مضى رأي الفقهاء في الإضافة التي تدخل على المبيع فتغير صورته كالصبغ والخياطة وما شابه ذلك، ونقف الآن على وجهة نظرهم عندما تكون الزيادة على المبيع، مقابل نقله وتحويله من مكان إلى مكان، أو يكون المبيع قطيعًا من الغنم فيدفع البائع أجرة رعيه، أو مكيلًا وموزونًا يحتاج إلى دار لخزنه، أو أجرة حراسة للحارس الذي يحرسه ونحو ذلك.

فالقول عند الفقهاء هو أن ما أنفقه التاجر على نفسه بسبب شرائه المبيع، لا تحسب نفقته من رأس المال، حجتهم في هذا هي:

أ- انعدام العرف في إضافة مثل هذه النفقات على رأس مال المبيع ظاهرًا.

ب- إن ما أنفقه التاجر على نفسه لا تزداد به مالية المبيع صورة ولا معنى، لهذا لا تحسب نفقاته من جملة رأس مال المبيع. (١)

أما ما عدا ذلك من النفقات التي تم صرفها على المبيع، فلا يخلو الأمر من أحد شيئين، أحدهما: أن يوضح البائع تلك النفقات للمشتري، ويشترط عليه ضمها إلى رأس مال المبيع، فيرضى الأخير بذلك، فيرابحه على ثمن المبيع مع زيادة تلك النفقات فهذا جائز والآخر أن يجمل القول، فيقول قام علي المبيع بكذا، وللفقهاء كلام فيما يجوز ضمه من النفقات وفيما لا يجوز عندئذ، نوجز القول فيه كما يأتي:

أولًا- الشافعية قالوا: تدخل في قول البائع قام المبيع علي بكذا، أجرة الكيال للثمن المكيل وأجرة الدلال والحارس وأجرة المكان والطبيب إذا اشترى المبيع مريضًا، وأجرة تطيين الدار والعلف المقصود به التسمين، واستثنوا من ذلك المؤن المقصود بها بقاء المبيع كعلف الحيوان المعتاد وأجرة الطبيب إذا حدث بالمبيع مرض عند البائع، فلا تضاف النفقة على رأس المال في مثل هذه الحالة.

واشترط الشافعية في مثل هذا البيع، على المتبايعين بثمن المبيع عند قول البائع للمشتري: بعتك المبيع بما قام علي دون تفصيل، ولو جهل أحدهما الثمن، ففي صحة البيع وعدمه عندهم ثلاثة أراء، الصحيح في المذهب بطلان البيع لجهالة الثمن، والثاني صحته لسهولة معرفة الثمن، ولأن الثمن الثاني مبني على الأول. والقول الثالث هو: إن علم المشتري الثاني بمقدار الثمن في المجلس، فالبيع صحيح، وإلا فلا. (٢)


(١) انظر المدونة ٤/٢٢٦، المبسوط ١٣/٨٠وما بعدها
(٢) انظر الشربيني في مغني المحتاج ٧٨/٢

<<  <  ج: ص:  >  >>