للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم الزيادة المضافة على المبيع إذا كانت لقاء ثمن:

اتفق الفقهاء على القول: بأن الزيادة التي أضافها المشتري على العين المشتراة وكان قد دفع عوضها مالًا، فإنها تحسب من رأس المال وتحسب لها نسبة من الربح أيضًا، دليلهم في ذلك ما يأتي:

أ- إن عرف التجار معتبر في مثل هذه العقود، فما جرى العرف بإلحاقه برأس المال ألحق، وما لا فلا، ولما كان العرف يقضي بإلحاق مثل هذه الإضافة على أصل الثمن وجب القول به.

ب- كل ما أثر في المبيع تزداد به ماليته صورة أو معنى، فللبائع أن يلحق ما أنفقه فيه برأس المال والصبغ أو الخياطة وصف في العين تزداد به المالية، لذا جاز إلحاقه بالثمن الأصلي. (١)

إلا أنهم اختلفوا في القول بإلزام البائع بتوضيح ذلك للمشتري أو عدم إلزامه على قولين:

الأول: إن البائع ملزم بتفصيل ذلك للمشتري، ولا فرق بين تفصيله إياه ابتداء أو يجمله ثم يفصله بعدئذ، أما لو أراد أن يجمل رأس المال الأصلي مع الإضافة، ويقول: قامت علي السلعة بكذا، فلا يجوز له ذلك، والأصل في العقد في مثل هذه الحالة الفساد، هذه وجهة نظر المالكية، (٢) وهو رأي المذهب عند الحنابلة (٣) وحكى ابن قدامة ذلك عن الحسن وابن سيرين وسعيد بن المسيب وطاوس وغيرهم من فقهاء السلف. (٤)

الثاني: أجاز فريق من العلماء للبائع في صورة البيع هذه، أن يقول: قام علي المبيع بكذا، إلا أنه لا يجوز له أن يقول: اشتريته بكذا، لئلا يكون كاذبًا في قوله، إذ القيام عبارة عن الحصول بما غرمه البائع، ولا شك بأنه عندما زاد في المبيع شيئًا جديدًا، قد غرم فيه ثمن الزيادة، هذا ما ذهب إليه الحنفية (٥) وبهذا قال الشافعية أيضًا (٦) ووجه عند الحنابلة، (٧) وحكى صاحب القواعد مثل ذلك عن الإمامية، (٨) وهذه وجهة نظر الزيدية أيضًا. (٩)

وما ذهب إليه أصحاب الرأي الثاني هو المختار لما ذكره من تدليل، ولأن البائع صادق في قوله: قام على المبيع بكذا. والعقد في مثل هذه الصورة تتوفر فيه الأمانة.


(١) المبسوط ١٣/٨٠
(٢) الدردير في الشرح الكبير ص ١٦٣
(٣) المغني ٤/١٣٧
(٤) المغني ٤/١٣٧
(٥) شرح العناية على الهداية وكذا فتح القدير ٥/٢٥٥
(٦) مغني المحتاج ٢/٧٨
(٧) الإنصاف ٤/٤٤٤
(٨) انظر ٦/٤٨٩
(٩) البحر الزخار ٤/٣٧٧

<<  <  ج: ص:  >  >>