للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأينا فيما قاله المالكية:

لا أرى موجبًا للتفريق بين طول المدة أو قصرها، فبالإضافة إلى ما ذكره غيرهم من أدلة، فإن اختلاف السعر أمر غير خاف على العاقد الجديد، وكل ما هو مطلوب من البائع في بيع المرابحة، أن يكون صادقًا في قوله غير مغرر ولا مدلس على المشتري، فحينما تكون الفائدة قد حدثت عنده وقد استغلها مدة طويلة بعد دخول المبيع في ملكه أو قصيرة يكون بمنأى عن ذلك، فعليه لا أرى موجبًا لبيان الغلة من قبل البائع عند دخوله في عقد مرابحة مع الغير.

حكم ما لو أضاف المشتري على المبيع شيئًا من ماله:

لو فرض أن المبيع بعد دخوله في ملك المشتري طرأ عليه تغيير بسبب من المشتري وذلك كأن يكون قماشًا فصبغه أو دارًا فرممها، ففي مثل هذه الحالة إما أن تكون الزيادة المذكورة قد فعلها المشتري بنفسه أو أعطى عليها أجرة، ولكل حالة من هاتين الحالتين حكمها الخاص بها.

حكم ما لو كانت الإضافة بدون أجرة:

لو أن المشتري كان قد فعل الإضافة بنفسه أو تطوع له بها شخص، فلا يحق له أن يزيد في رأس مال المبيع الأصلي شيئًا إلا أن يوضح للعاقد الجديد ذلك بأن يقول له: بعتك هذا المبيع بكذا وأجرة عملي أو عمل المتطوع عني وهي كذا أو ربح كذا، وإذا أراد السكوت عنها، فليس له إلا إضافة قيمة الصبغ فقط أو ما أشبهه من عين أخرى.

كما أن الأجرة لا تدخل في قول البائع، قام علي المبيع بكذا، لأن عمله وما تطوع له به، لم يقم عليه، وإنما الذي يبذله من ماله على المبيع هو ما قام عليه فقط، هذه وجهة نظر الحنفية، (١) والشافعية، (٢) والحنابلة (٣) وبه قالت الإمامية، (٤) والزيدية أيضًا. (٥)

أما المالكية فقد وافقوا غيرهم في القول بعدم ضم أجرة عمله إلى ثمن المبيع في مثل هذه الحالة، إلا أنهم يختلفون معهم في ضم قيمة الصبغ إلى الثمن، حيث قالوا: بأن الصبغ المعني إما أن يكون من عند البائع أو لا، فإن كان من عنده، فإن قيمته لا تضم إلى رأس مال المبيع، وإلا حسبت منه. (٦)

وقول المالكية هذا أمر فيه نظر، إذ لا فرق بين قيمة العين المضافة إلى رأس مال المبيع بين أن تكون العين ملكًا للبائع فأضافها إلى المبيع أو اشتراها من الغير، لأنها عين ولا بد لها من قيمة.


(١) انظر المبسوط لشمس الدين السرخسي ١٣/٨٢
(٢) مغني المحتاج ٢/٧٨
(٣) المغني ٤/١٣٧
(٤) قواعد العلامة ٦/٤٨٩
(٥) البحر الزخار ٤/٣٧٧
(٦) الشرح الكبير للدردير ٣/١٦٠

<<  <  ج: ص:  >  >>