للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرابحة في هذه الحالة، والعلة في ذلك هي:

إن المرابحة كما قلنا، بيع بمثل الثمن الأول، فإن لم يكن الثمن الأول مثل جنس الثمن الأخير، فإما أن يقع المبيع الجديد على عرض آخر غير ذلك العرض، وإما أن يقع على قيمته، والبيع لا يصح في كلا الحالتين، فكونه لا يصح في الحالة الأولى، لأنه قد وقع على عرض لا تعود ملكيته للمالك وليس داخلًا تحت يده، كما أنه لا يصح على القيمة أيضًا لجهالتها، حيث أنه تعرف بالحزر والظن لاختلاف المقومين فيها.

وأما لو أريد بيع العرض مرابحة بعرض في حوزة مالكه، فينظر: إن جعل الربح شيئًا منفصلًا عن رأس المال معلومًا، فذلك جائز، وذلك كبيع ثوب بثوب وربح درهم أو درهمين، وسبب الجواز هو: أن الثمن الأول معلوم والربح معلوم.

أما لو جعل الربح جزءًا من رأس المال، فلا يجوز

وصورة البيع في مثل هذه الحالة، أن يعتمد الثمن الأول في البيع الجديد، فيقول البائع للمشتري: بعتك هذا العرض الذي في يدي مقابل العرض الذي بحوزتك على أن يكون الربح دينارًا من كل عشرة دنانير من قيمة عرضي المبيع، وعلة المنع في مثل هذه الصورة، هي أن الربح أصبح جزءًا من العرض، والعرض ليس متماثل الأجزاء، وإنما يعرف بطريق التقويم والقيمة مجهولة أثناء التعاقد، لأن معرفتها بالحزر والظن، فلا تصح المرابحة في هذه الحالة.

هذا ما فصله الأحناف في كتبهم. (١) وفي كتب المالكية ما يؤيد هذا أيضًا. (٢)


(١) انظر الكاساني في البدائع ٣١٩٥/٧
(٢) انظر الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه ١٦/٣، الخرشي ١٧٢/٥

<<  <  ج: ص:  >  >>