بعد هذا العرض لرأي الفقهاء فيما يعتبر من الثمن وما لا يعتبر منه، نقف الآن على ما اشترطوه من شروط في رأس المال من أجل تصحيح العقد، والشروط هي:
١- أن يكون معلومًا لدى طرفي العقد، وذلك لأن المرابحة كما ذكرنا عبارة عن بيع بالثمن الأول مع زيادة ربح، والعلم بالثمن الأول شرط لصحة البيوع كلها لما علم من أن الجهالة به تؤول إلى المنازعة، والمنازعة تفسد العقد.
فإن لم يكن معلومًا للمشتري، فالبيع فاسد إلى حين معرفته له في المجلس، فيخير بين إمضاء العقد أو إبطاله.
ووجه فساده في الحال، هو جهالة الثمن، لأن الثمن في الحال مجهول.
وأما إعطاء المشتري حق الخيار، فلوجود الخلل في الرضا، لأن الإنسان قد يرضى بشراء شيء يسير الثمن، إلا أنه لا يرضى بشرائه بالكثير، فلا يتكامل الرضا إلا بعد معرفة مقدار الثمن، فإذا لم تتحقق المعرفة عنده، اختل رضاه، واختلال الرضا يوجب الخيار. (١)
ولو أن المتعاقدين تركا المجلس من غير علم برأس المال، فالعقد باطل لتقرر الفساد.
٢- أن يكون رأس المال من ذوات الأمثال، أن مما له مثل وذلك كالمكيلات الموزونات والعدديات المتقاربة، فإن كان من هذا القبيل، فبيعه مرابحة جائز على الثمن الأول، سواء جعل الربح من جنس رأس المال أو من خلاف جنسه، بعد أن صار الثمن الأول معلومًا والربح معلومًا.
ولو كان الثمن الأول للمبيع عرضًا من العروض القيمية كالثياب والدواب والبط وما أشبه ذلك، وأراد مالكه بيعه مرابحة بعرض مماثل، فلا يخلو الأمر من أن يوجد العرض المماثل في يد المشتري الثاني أم لا، فإن لم يكن العرض في حوزة صاحبه، فلا تصح.
(١) انظر بدائع الصنائع ١٩٣/٧، ابن قدامة في المغني ١٣٦/٤ مفتاح الكرامة ٤٨٦/٤