الفرع الأول: أهمية بيع المرابحة للآمر بالشراء واستعمالاته:
تتمثل أهمية بيع المرابحة للآمر بالشراء في أنه يحقق أمرين رئيسين هما:
١- أنه يغطي جانبًا من جوانب الحاجة التي لا يمكن تحقيقها عن طريق الصيغ المعروفة في المعاملات المبحوثة في الفقه الإسلامي كالمضاربة والمشاركة وذلك باعتبار هاتين الصيغتين هما أبرز صيغ التمويل والاستثمار الحلال.
فالمضاربة مثلًا فيها تمويل ولكنه تمويل مقصود به العمل من أجل تحقيق الربح، وسواء كان ذلك بطريق تقليب رأس المال في التجارة أو التصرف فيه بالصناعة والزراعة وغير ذلك من الأعمال عند من يرى إمكان شمول المضاربة للأنشطة الأخرى عدا المتاجرة بالسلع انطلاقًا من إطلاق المضاربة على كل عمل يراد به تنمية المال حسبما يرى فقهاء المذهب الحنبلي بشكل مفصل (١) .
ولكن كيف يكون الحال لو أن شخصا ما يحتاج إلى آلة خاصة باستعماله الشخصي مثل السيارة أو جهاز التلفاز أو الأثاث المنزلي؟
وماذا يكون الحل لو أنا جهة ما تحتاج إلى أدوات ليست للتجارة بل من أجل تقدم الخدمات للمجتمع، مثل احتياج البلدية لشراء أنابيب لإيصال المياه إلى المواطنين أو سيارات لنقل النفايات؟
فأين يكون موضوع المضاربة هنا؟
من أجل ذلك كان تفكير الباحث متجهًا إلى تكميل صورة العمل المصرفي الإسلامي بحيث يكون قادرًا على تغطية مختلف الاحتياجات.
وليس من سبيل لذلك سوى أسلوب بيع المرابحة للآمر بالشراء حيث يحدد صاحب الحاجة ما يرغب فيه ويقوم المصرف الإٍسلامي بالشراء بناء على طلب صاحب الحاجة وبحسب ما يحدده من مواصفات لكي يبيع عليه ما اشتراه بناء على طلبه بعد إضافة الربح المتفق عليه.
٢- أما الأمر الثاني الذي تحققه صيغة بيع المرابحة للآمر بالشراء فإنه يتمثل في القالب العملي الذي يتمتع بالمرونة والملاءمة لطبيعة العمل المصرفي المعاصر وذلك ضمن إطار الالتزام بالضوابط الشرعية.
فالمصرف الإسلامي – شأنه في ذلك شأن أي مصرف آخر – ليس تاجر اقتناء للسلع والبضائع والخدمات، ولكنه مدير مدبر للاحتياجات.
(١) للتوسع في ذلك يمكن الرجوع إلى بحث " حقيقة المضاربة والعمل الذي تشمله " في كتاب سامي حمود " تطوير الأعمال المصرفية بما يتفق والشريعة الإسلامية " الطبعة الثانية " عمان – توزيع دار الفكر، ١٩٨٢ " الصفحات ٣٦٩ - ٣٨١