وقد تنوعت وجهات النظر المثارة حول هذه المسألة بحيث يمكن إجمالها في النقاط التالية:
١- إن القول الوارد في مذهب الإمام مالك في الإلزام بالوعد إنما يتعلق بمسائل المعروف والإحسان دون عقود المعاوضات.
وهذا الاعتراض لا يتفق مع المثل الإسلامية التي توجب الوفاء بالوعد فإن قيل بأن الوفاء واجب ديانةً وليس قضاء، فنقول: وماذا يمنع من انتقال الإلزام من منطقة الأخلاق إلى منطقة الإلزام بالقضاء؟ ثم أليس الوفاء بالعهود هو مما أمر به الله تعالى؟
٢- أما النقطة الثانية وهي الأقوى في الاستدلال على عدم صحة اشتراط لزوم الوعد فهي ما احتج به الفريق الذي يرى أن كلام الإمام الشافعي نفسه ينفي هذا الإلزام بدليل ما جاء في آخر العبارة المنقولة عن كتاب الأم بقوله (رحمه الله تعالى) : " وإن تبايعا به على أن ألزما أنفسهما الأمر الأول فهو مفسوخ من قبل شيئين: أحدهما أنه تبايعاه قبل (أن) يملكه البائع والثاني أنه على مخاطرة أنك إن اشتريته على كذا أربحك فيه كذا ".
وإن من يعيد قراءة النص فيما كتبه الإمام الشافعي – رحمه الله تعالى – يجد أن المقصود هو قيام المتواعدين بإلزام نفسيهما بالبيع بأن قال أحدهما للآخر بعتك بالمرابحة ما سوف أشتريه بناء على طلبك. ولكن الحال الواقع في صيغة المرابحة للأمر بالشراء أن هناك مرحلتين منفصلتين هما:
- مرحلة المواعدة ومرحلة المبايعة وبينما فاصل زمني هو حضور البضاعة أو التمكن من إبرام العقد عليها.
وهذا بخلاف الإلزام بالبيع مسبقًا حيث يصبح العقد باتًّا، أما كون الواعد ملزمًا فإنه يفيد الإجبار على إبرام العقد حيث يمكن أن يتحقق ذلك أو لا يتحقق، فإذا أمكن تحقيق التنفيذ بإبرام عقد البيع كان به، وإلا كان هناك محل للمطالبة بجبر الضرر الواقع على أحد الطرفين المتواعدين والذي قد يكون المصرف الإسلامي أو من يتعامل معه.
وهذا هو مبرر القول بالإلزام في المواعدة، وذلك لأنه وكما جاء في الحديث النبوي- ((لا ضرر ولا ضرار))
فإذا طلب شخص من المصرف الإسلامي شراء آلة هي عبارة عن جزء متمم في مجموع الآلات المتوفرة في المصنع الخاص به ثم فرضنا أن هذا المتعامل قد عن له (لأي سبب كان) أن يعدل عن شراء الآلة التي طلب شراءها، فكيف يتحمل المصرف اٍلإسلامي الخسارة التي قد تكون كبيرة في مثل هذه الحال لأنه لا مصلحة لأحد في شراء هذه الآلة إلا الطالب لها؟.
وقد يكون الحال على النقيض من ذلك بأن يستغل المصرف الإسلامي حاجة الطالب للآلة فيمتنع عن الوفاء بما وعد مما يتسبب في إيقاع الضرر بصاحب الحاجة.