وصفته عند الأحناف هو أن يضع الرجل عقاره الذي تساوى قيمته ألفًا أو ألفين فيضعه عند رجل في خمسمائة أو أكثر ويكتب عليه بيع وفاء يريدون من هذه التسمية أن يستحل المرتهن غلته هذا لعقار ما دام باقيًا في يده بدون أن يرجع عليه مالكه في شيء من قيمة غلته في مقابلة ما ينتفع صاحبه بالدراهم، وإذا تحصل صاحب العقار على النقود استرجع عقاره بدون منازعة لاعتقاد الجميع بأنه باق على ملك صاحبه.
وقد حدث هذا التعامل بهذه الصفة في بلدان فارس. قبل في القرن الخامس وأفتى الكثير من الفقهاء بكونه رهنًا لا ينصرف إلى غيره وإن سموه بيعًا لكون الاعتبار في العقود بالمقاصد وهما لم يقصدا التبايع الحقيقى وهذا هو الصحيح، لأنهما إنما قصدا بهذه التسمية محض التوثقة واستباحة الغلة فقط. والأسماء لا تغير الأشياء عن حقائقها.
ثم إنه على فرض صحة ما ذكروا من أنه بيع مستقل بحالته وعلى صفته، فإنه مخالف للقياس في صيغ البيوع الصحيحة وما خالف القياس لا يقاس عليه عند أهل الأصول. مع كونه بعيدًا في القياس عن مشابهة التأمين على الحياة (١) .
(١) نقل مصطفى الزرقاء في كتاب "التأمين" عن محمد يوسف موسى، ص ٢٩، قال ولا أجد في تاريخ الفقه الإسلامى واقعة أشبه بواقعة التأمين من بيع الوفاء في أول ظهوره وقال أيضا ص ٢٢: أن التأمين بكل أنواعه ضرب من ضروب التعاون التى تفيد المجتمع. قال: والتأمين على الحياة يفيد المؤمّن كما يفيد الشركة. قال: وأرى شرعًا أنه لا بأس به إذا خلا من الربا. انتهى. وأخذ الشيخ مصطفى الزرقاء يصوب استجادة هذا الاستنباط وكأنه رآه عين الصواب والسداد وجعله بمثابة العدة والعمدة في القياس والاستناد ولا شك أن مشابهة التأمين على الحياة ببيع الوفاء أنه بعيد جدًا فلا مداناة فضلًا عن المساواة وكيف يقول إنه لا بأس بالتأمين على الحياة إذا خلا من الربا وهو غارق في الربا إلى الآذان لكون وسائل الربا والبطلان محيطة به من جميع جهاته