ويذكر الأستاذ موسى شحادة المدير العام للبنك الإسلامي الأردني أن سبب " توجيه أغلب استثماراته إلى المرابحة، بدل توجيهها إلى المساهمات والمشاركات لسرعة تسييلها، ووضوح التدفق النقدي، ووضوح العائد"(موسى شحادة ص ٢٢) . ويقصد بسرعة التسييل سرعة التنضيض بلغة الفقه الإسلامي، أي تحويل الديون إلى نقود؛ ويقصد بوضوح التدفق النقدي إمكان جدولة الثمن المؤجل في المرابحة على أقساط معلومة وبآجال معلومة، كما يقصد بوضوح العائد إمكان حصول المصرف على عائد معلوم المقدار، في صورة نسبة من الثمن الأول، أي نسبة من رأس المال، رأس المال العملية، أي بدون مخاطرة كما هو الحال في المضاربة أو الشركة.
ويقول الدكتور شوقي إسماعيل شحاتة إنه " بظهور البنوك الإسلامية، تعاظم دور بيع المرابحة للآمر بالشراء، وخصوصا بثمن مؤجل، بضوابطه الشرعية. وتأكدت أهميته وجدواه الاقتصادية وملاءمته علما وعملا لطبيعة العمليات التمويلية والعمليات الإيرادية التي تجريها البنوك الإسلامية بعيدا عن القروض ونظام الفائدة الربوية "(شحاتة ص٩) ويقصد الدكتور شحاتة بملاءمة المرابحة لطبيعة العمليات التمويلية ملاءمتها لطبيعة العمل المصرفي التقليدي القائم على أساس العمل المضمون واجتناب المخاطرة. كما يقصد بملاءمة المرابحة للعمليات الايرادية بعيدا عن القروض والفائدة الربوية أن المصارف من طريق المرابحة استطاعت أن تحقق لنفسها إيرادات شبيهة بالفائدة من حيث الضمان، ولكنها مشروعة في نظره.
غير أن الدكتور شحاتة لم يبين لنا كيف تأكدت أهمية المرابحة وجدواها الاقتصادية. لكن هناك بحوثا أخرى تكفلت بخلاف رأيه، كبحث الدكتور حاتم القرنشاوي بعنوان " الجوانب الاجتماعية والاقتصادية لتطبيق عقد المرابحة ".
يقول الدكتور القرنشاوي إن " التطبيق السليم لعمليات المرابحة يتطلب، خلافا لما قد يسود لدى بعض العاملين بالبنوك الإسلامية، درجة عالية من المعرفة بظروف السوق، وتطور الطلب على السلع المختلفة فيه، وجهازا فنيا قادرا على تحليل المناخ العام للسوق، واتجاهات السياسة الاقتصادية في الأجل القصير والطويل، وشبكة مصادر المعلومات لتأمين ما يكفي من بيانات عن المصادر البديلة للسلع ومواصفاتها وأسعارها، فضلا عن الاستعلامات المطلوبة عن العملاء طالبي التمويل. وتوافر ذلك يعني إمكانية قيام البنك بدوره المفترض كتاجر، وليس كممول فحسب "(القرنشاوي ص ٧) .
وواضح أن الدكتور شحاتة يصدر رؤية غير الرؤية التي يصدر عنها الدكتور القرنشاوي. فالدكتور شحاتة يصدر عن سهولة التطبيق وإمكان القيام بالعمل المصرفي الإسلامي غير بعيد عن العمل المصرفي غير الإسلامي، بل وفق فلسفته في السيولة والربحية والضمانة، حتى أن الفرق بين العملين لا يعدو أن يكون خلافا في الشكل والصورة فحسب.