للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الأول:

١- تعريف المرابحة في الاصطلاح الشرعي: هي أن يذكر البائع للمشتري الثمن الذي اشترى به السلعة ويشترط عليه ربحًا كأن يقول البائع أنا اشتريت هذه السلعة بمائة دينار أو هي علينا بمائة دينار وأبيعك إياها بمائة وعشرة. وهناك عدة تعاريف وكلها تدور حول هذا المعنى وكلها تعني الزيادة على رأس المال. فعند الحنفية: المرابحة: نقل ما ملكه بالعقد الأول بالثمن الأول مع زيادة ربح. وقال بعض المالكية: المرابحة عبارة عن بيع السلعة بالثمن المشتراه به مع زيادة ربح معلوم للمتعاقدين: أما الحنابلة فقالوا: هو البيع برأس المال وربح معلوم. هذه التعاريف متقاربة المعنى كما نجدها مشتركة في مدلولها اللغوي: فالمرابحة في اللغة مشتقة من رابح واربح وكلا اللفظين يعنيان البيع أو الشراء بزيادة على رأس المال وهو الربح (١) وهذا هو المعنى الشرعي لمعنى المرابحة فاجتمع المدلول اللغوي مع المدلول الشرعي في الاصطلاح. وهذا التعريف للمرابحة ليس هو المقصود هنا بالبحث لأن بيع المرابحة بالتعريف المتقدم يكاد ينعقد الإجماع على صحته عند العلماء سلفا وخلفا بل إنه قد نقل الإجماع على صحة بيع المرابحة بالمعنى المتقدم وإن كان البعض من العلماء يفضل بيع المساومة عليه وهذا خلاف أفضلية وليس خلاف في عدم صحة بيع المرابحة. فبحثنا هذا لا يتعلق ببيع المرابحة بالمعنى الآنف الذكر على اعتبار أنه ليس هناك أي خلاف في صحته وجوازه وإن كانت هناك خلافات جزئية تفصيلية بين الفقهاء سلفا وخلفا وهذا شيء متعارف عليه بين الفقهاء في مسائل عديدة من فقه المعاملات وإن كنا لا بد وأن نتناول بيع المرابحة بالمعنى المذكور ولكنه ليس مقصودا لذاته بل لتحرير المسألة التي يتعلق بها بحثنا هذا وللإيضاح الكافي الذي يجلي المسألة المراد بحثها من أي ملابسة عملا بالقاعدة الفقهية المشهورة: الحكم على الشيء فرع عن تصوره ولكن بحثنا يتعلق بصورة التعامل التي تزاولها البنوك والمصارف الإسلامية تحت عنوان: بيع المرابحة للآمر بالشراء وصورتها: أن يتقدم العميل إلى البنك أو المصرف طالبا منه شراء سلعة معينة بالمواصفات التي يحددها على أساس الوعد منه أي من العميل بشراء تلك السلعة اللازمة له فعلا مرابحة بالنسبة التي يتفقان عليها ويدفع الثمن مقسطا حسب إمكانيته. فهذه الصورة كما يفهم من التعريف ذات شقين: أحدهما عندما يأتي العميل إلى البنك طالبا منه شراء سلعة معينة أو موصوفة ليست عند البنك فيعده البنك بأنه سيشتري السلعة التي يطلبها العميل ويبيعها له ويعده أي يعد العميل البنك بأنه سوف يشتري السلعة عند ما يقدمها البنك. وفي هذه الفترة يحددان الشراء والربح وطريقة الدفع نقدا أو مؤجلًا أو مقسطًا، وبعض المصارف أو البنوك تطلب دفع عربون مقدما.

والسلعة المطلوبة قد لا تكون موجودة في الأسواق المحلية فيستوردها البنك من الخارج.

٢- الشق الآخر: إبرام العقد وتبدأ بعد شراء البنك البضاعة وعرضها على العميل وقبوله لها: ما حكم هذه المعاملة في فقه الشريعة الإسلامية؟ فهذه هي نقطة البحث التي تتعلق بها الأنظار الشرعية. وإن كانت كما تقدمت الإشارة أتناول في البداية الموضوع بصفة عامة لتحرير وإيضاح نقطة البحث لا أكثر من ذلك.

المبحث الثاني: الإشارة إلى السوابق التاريخية للموضوع وما طرح فيه من أنظار شرعية إلخ.


(١) انظر مادة ربح في لسان العرب. المغني لابن قدامة ٤/١٣٦. البداية والنهاية لابن رشد ٢/٢١٤

<<  <  ج: ص:  >  >>