للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقدمت الإشارة إلى أن بيع المرابحة بالتعريف الفقهي المتقدم باستثناء تعريف نقطة البحث من البيوع الجائزة بين الفقهاء ويشترط في بيع المرابحة ما يشترط في البيع بصفة عامة ويختص بشروط خاصة أهم ما فيها علم المتابيعين برأس المال والربح كأن يقول البائع: رأس مالي مائة وربح عشرة. وفي هذا المبحث مسائل لا بد من تناولها. منها ما هو الذي يعد من رأس المال مما لا يعد وفي صفة رأس المال الذي يجوز أن يبنى عليه الربح. والأخرى حكم ما وقع من الزيادة أو النقصان في خبر البائع بالثمن.

فأما ما يعد في الثمن مما لا يعد: أي مما ينوب البائع على السلعة زائد على الثمن فإن المالكية يقسمونه إلى ثلاثة أقسام: قسم يعد في أصل الثمن ويكون له حظ من الربح. وقسم يعد في أصل الثمن ولا يكون له حظ من الربح وقسم لا يعد في أصل الثمن ولا يكون له حظ من الربح. فأما الذي يحسب في رأس المال ولا يجعل له حظ من الربح فهو الذي لا يؤثر في عين السلعة مما لا يمكن البائع أن يتولاه صاحب السلعة بنفسه كالسمسرة والطي والشد وقال أبو حنيفة بل يحتمل على ثمن السلعة كل ما نابه عليها وقال أبو ثور: لا تجوز المرابحة إلا بالثمن الذي اشترى به السلعة فقط. إلا أن يفصل ويفسخ عند البيع إن وقع، قال: لأنه كذب لأنه يقول: أي صاحب السلعة ثمن سلعتي كذا وكذا وليس الأمر كذلك وهو عنده أي عند أبي ثور من باب الغش. وأما الذي يحسب في رأس المال ويجعل له حظ من الربح فهو ما كان مؤثرا في عين السلعة مثل الخياطة والصباغ. وأما صفة رأس المال: أي الثمن الذي يجوز أن يخبر به فإن مالكًا والليث بن سعد قالا فيمن اشترى سلعة بدنانير والصرف يوم اشتراها صرف معلوم ثم باعها بدنانير تختلف عن الدنانير التي اشترى بها أو بدراهم والصرف قد تغير إلى زيادة أنه ليس له أن يطلب سعر الصرف الذي كان يوم شرائه للسلعة. كما اختلف بعض فقهاء المالكية: فيمن ابتاع سلعة بعروض هل يجوز له أن يبيعها مرابحة أم لا يجوز فقال ابن القاسم يجوز له بيعها بالثمن الذي اشتراها به من العروض ولا يجوز له على القيمة. وقال أشهب: لا يجوز لمن اشترى سلعة من العروض أن يبيعها مرابحة لأنه يطالبه بعروض على صفة عرضه. وفي الغالب لا يكون عنده فهو من باب بيع ما ليس عنده. كما اختلف مالك وأبو حنيفة فيمن اشترى سلعة بدنانير ثم أخذ بالدنانير عروضا أو دراهم فهل يجوز له بيعها مرابحة دون أن يعلم (١) بما نقد أم لا يجوز؟ فقال مالك لا يجوز إلا أن يعلم بما نقد وقال أبو حنيفة يجوز أن يبيعها منه مرابحة على الدنانير التي ابتاعها: أي التي ابتاع بها السلعة دون العروض التي أعطى فيها أو الدراهم. وقال مالك أيضا فيمن اشترى سلعة بأجل فباعها مرابحة أنه لا يجوز حتى يعلم بالأجل وقال الشافعي إن وقع كان للمشترى مثل أجله. وقال أبو ثور هو كالعيب وله الرد به أما حكم ما وقع فيه من الزيادة والنقصان في خبر البائع بالثمن. فقد اختلف فيه فقهاء السلف ومن هذه المسائل مسألة من ابتاع سلعة مرابحة على ثمن ذكره ثم ظهر بعد ذلك إما بإقراره أو ببينة أنه كان أقل، والسلعة قائمة فقال مالك وجماعة: المشتري بالخيار.


(١) انظر البداية والنهاية لابن رشد المرجع السابق

<<  <  ج: ص:  >  >>