للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما تقدم يتضح لنا بأن هذه المعاملة معروفة في كتب الفقه الإسلامي. أما الخلاف فيما يتعلق ببحثنا فهو وقوع البيع على الإلزام من أول الأمر بمعنى أن البنك ملزم بالبيع مرابحة للآمر بالشراء. والآمر بالشراء ملزم بتنفيذ وعده بالشراء عندما يقدم له البنك السلعة المطلوبة. فهذه معاملة مركبة من وعد بالشراء وبيع المرابحة فهي في الحقيقة ليست من باب بيع الإنسان ما ليس عنده؛ لأن البنك لا يبيع شيئا ابتداء، وإنما يتلقى أمرًا بالشراء وبالتالي فهو لا يبيع حتى يملك ما هو مطلوب منه ويعرضه على المشتري ليرى ما إذا كان مطابقًا لما وصف أم لا. وبالتالي فإن هذه المعاملة لا تنطوي على ربح ما لم يضمن؛ لأن البنك قد اشترى فأصبح مالكا يتحمل تبعة الهلاك.

هذه خلاصة وجهة نظر المجيزين لهذه المعاملة من بعض الفقهاء المعاصرين، أما علماء السلف بما فيهم أصحاب المذاهب الفقهية المشهورة فلا أعلم أحدًا منهم أجاز هذه المعاملة، والمشهور من بعض علماء السلف رضي الله عنهم جواز هذه المعاملة إذا جعل الخيار للطرفين أو لأحدهما. أما الفقهاء المعاصرون فإن أول خلاف ظهر بينهم في هذه المسألة عندما طرح هذا الموضوع على بساط البحث في مؤتمر المصرف الإسلامي بدبي ١٣٩٩ هـ ١٩٧٩م، وكان رأي الأغلبية جواز الإلزام بالوعد في هذه المعاملة وقد جاءت توصية المؤتمر كالتالي: " يرى المؤتمر أن هذا التعامل يتضمن وعدًا من عميل المصرف بالشراء في حدود الشروط المنوه عنها ووعدا آخر من المصرف بإتمام هذا البيع بعد الشراء طبقا لذلك الشرط. إن مثل هذا الوعد ملزم للطرفين قضاء طبقا لأحكام المذهب المالكي. وملزم للطرفين ديانة طبقًا لأحكام المذاهب الأخرى. وما يلزم ديانة يمكن الإلزام به قضاء إذا اقتضت المصلحة ذلك وأمكن للقضاء التدخل فيه. تحتاج صيغ العقود في هذا التعامل إلى دقة شرعية فنية وقد يحتاج الإلزام القانوني بها في بعض الدول الإسلامية إلى إصدار قانون بذلك " نصًّا: (١) .


(١) انظر مؤتمر المصرف الإسلامي بدبي ١٣٩٩ هـ ١٩٧٩م ص١٤

<<  <  ج: ص:  >  >>