وطرح هذا الموضوع نفسه في مؤتمر المصرف الإسلامي الثاني المنعقد بالكويت في جمادى الآخر ١٤٠٣ هـ مارس ١٩٨٣، وأصدر المؤتمر فيه التوصية التالية:
٨ – " يقرر المؤتمر أن المواعدة على بيع المرابحة للآمر بالشراء بعد تملك السلعة المشتراة وحيازتها ثم بيعها لمن أمر بشرائها بالربح المذكور في الموعد السابق هو أمر جائز شرعًا طالما كانت تقع على المصرف الإسلامي مسئولية الهلاك قبل التسليم وتبعة الرد فيما يستوجب الرد بعيب خفي. وأما بالنسبة للوعد ملزما للآمر أو المصرف أو كليهما فإن الأخذ بالإلزام هو الأحفظ لمصلحة المصرف، والأحفظ لمصلحة التعامل واستقرار المعاملات وقيمة مراعاة لمصلحة المصرف والعميل وأن الأخذ بالإلزام أمر مقبول شرعًا وكل مصرف مخير في الأخذ بما يراه في مسألة القول بالإلزام حسب ما تراه هيئة الرقابة الشرعية لديه " نصًّا.
بهذا الاستعراض للسوابق التاريخية للموضوع وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بنقطة البحث نخلص من تحرير الموضوع إلى النقاط التالية:
١ – أولا عنوان بحث الموضوع والمحدد تسميته من قبل المجمع: ببيع المرابحة للآمر بالشراء غير دقيق؛ لأن هذا العنوان تدخل فيه صور من بيع المرابحة للآمر بالشراء أجازها العلماء سلفا وخلفا مما جعل البحث في الموضوع محل التباس تبعًا لالتباس العنوان. وأرى ضرورة التسمية التالية: بيع الأمانة للآمر بالشراء لمقابل ربح معلوم للبائع المؤتمن على شراء السلعة للآمر بالشراء؛ لأن هذا البيع في نظري هو بيع أمانة أقرب منه للمرابحة، وهذا التخريج لهذا النوع من البيع يخرجنا من الخلاف الفقهي وعلى وجه الخصوص يخرجنا من النص النبوي الشريف الذي يتمسك به بعض الفقهاء من قوله عليه الصلاة والسلام:" لا تبع ما ليس عندك " على أن لي بعض الملاحظات على وجه الاستدلال بهذا الحديث سوف أوضحها في مكانها من هذا البحث إن شاء الله. كما يخرجنا من الخلاف الفقهي الذي يمثل من وجهة نظري جوهر الخلاف بين الفقهاء في هذه المسألة سلفا وخلفا والخاص بالوفاء بالوعد من جانب العميل خاصة إذا علمنا بأن جمهور الفقهاء قد جوزوا هذا النوع من البيع إذا جعل الخيار للطرفين أو لأحدهما. كما أن الفقهاء المعاصرين مجمعون ولا يوجد بينهم خلاف حسب علمي بأن الخيار في هذا النوع من البيع، إذا جعل الطرفان بالخيار أو أحدهما فإنه يعتبر جائز شرعًا، وإنما الخلاف بين السلف والخلف منصب في هذه المسألة على الوعد الذي يعد به العميل البنك أو المصرف من أخذ السلعة عندما يقدمها له البنك وتكون مطابقة للمواصفات التي اشترطها العميل في توفرها في السلعة. هل الوعد شرعًا ملزم للعميل بأخذ السلعة أو ليس ملزما. وقد تقدم لنا في هذا البحث استعراض أقوال الفقهاء وخلاصة مؤتمرَي دبي والكويت.