للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيما يلي الكلام عن تلك الجوانب، مع مناقشة ما أورد في ذلك من اعتراضات وشبهات:

استعراض الجوانب الفقهية المعترض بها على أصل المرابحة:

لعل ما أورده كل من الدكتور يوسف القرضاوي من اعتراضات على أسلوب المرابحة بصدد الدفاع عنها (١) وما أورده الدكتور محمد سليمان الأشقر في كتابه الهادف إلى نقدها (٢) . هو أجمع ما قيل في هذا المجال، حيث أورد الدكتور القرضاوي ستة أمور، اثنان منها لا داعي للتوقف عندهما لما فيهما من التكلف، ومجافاة المنطق الفقهي:

(أولهما) إن هذه المعاملة ليست بيعا ولا شراء وإنما هي حيلة لآخذ الربا، (وثانيهما) أن أحدا من فقهاء الأمة لم يقل بحلها. وما جاء به المعترضون بهذين لا يزيد عن التهويل اللفظي، وقد نهض الدكتور القرضاوي بكشفه بما لا مزيد عليه.

ثم أورد الدكتور القرضاوي – على لسان المعترضين – أربعة أمور أخرى؛ اثنان منها تكفي لمحة يسيرة في الكلام عنها، في حين يقتضي الأمران الآخران شيئا من التفصيل (الآتي فيما بعد) لما لهما من جذور في المراجع الفقهية، كما تكررت بعض هذه الاعتراضات في دراسة الدكتور محمد الأشقر مع زيادات سيأتي الكلام عنها بمناسبتها.

* القول بأن أسلوب المرابحة من بيعتين في بيعة:

وذلك لما فيها من البيع للواعد بالأجل وهو بسعر مغاير للسعر الحال ... والحقيقة أن هذا الاعتراض ليس موجها للمرابحة لذاتها، بل لما فيها من بيع الأجل؛ لأن تطبيق المرابحة لدى المصارف الإسلامية لا ينفك عن بيع الأجل.. وقد جاء تفسيران (للبيعتين في بيعة) : أحدهما أنها قول البائع: بعتك بعشرة نقدا أو بعشرين نسيئة، والتفسير الثاني أنها بيع العينة؛ لأن فيه بيعتين إحداهما بثمن آجل، والأخرى بثمن حال، لتحصل بذلك الحيلة على الربا.

وسيأتي الكلام عن علاقة أسلوب المرابحة ببيع العينة، أما البيع بالأجل فقد اعتبر التشكيك فيه من سقط القول بعد أن أخذ به جماهير الفقهاء، وضبطوا صحته بأن ينفصل المتعاقدان (بعد المساومة في الثمن المتعدد) على ثمن واحد محدد، فلا تكون هناك إلا بيعة واحدة، وينتفي الغرر الذي يحصل لو كانت المساومة أساسًا دون إبرام وجه واحد مما دار فيها.

والذي يقع في أسلوب المرابحة هو بيعة واحدة للاتفاق على ثمن واحد هو تحديد ثمن البيع الأجل مع تحديد الأجل، فلا جهالة ولا غرر.


(١) بيع المرابحة للآمر بالشراء كما تجريه المصارف الإسلامية، للدكتور يوسف القرضاوي ٣٧
(٢) بيع المرابحة كما تجريه البنوك الإسلامية، للدكتور محمد سليمان الأشقر ٧

<<  <  ج: ص:  >  >>