للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* القول بأن أسلوب المرابحة فيه بيع ما لا يملك:

وهذا الاعتراض لا مساغ له أيضا في الأسلوب المطبق في المصارف الإسلامية، اللهم إلا ما قد يقع مخالفا لما هو مقرر من مؤتمراتها وندواتها أو هيئاتها ومستشاريها، فما وقع كذلك فهو أسلوب منحرف، وعليه تنصب معظم الاعتراضات (١) .

وهذا المحذور من أول ما طرح بالنسبة لأسلوب المرابحة فقد احترزت منه البيانات التي رافقت نشأته.

* القول بأن الوعد لازم:

لا يخفى أن هناك صلة شديدة بين مسألة (بيع ما لا يملك) وبين الجانب الآخر المهم في أسلوب المرابحة وهو القول بلزوم الوعد، من حيث إن ما ينشأ عن هذا اللزوم يحول الوعد إلى شبه عقد فيقع المصرف في بيع ما لم يملكه بعد.

وليست الإشارة إلى هذه العلاقة حديثة بل جاءت في أقوال المتقدمين على ما أورده الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير في إشارة له إلى المرابحة ضمن أشكال وأساليب الاستثمار في الفكر الإسلامي حيث قال: " وجدت في أقوال المتقدمين من الفقهاء صورة من التعامل شبيهة بما نتحدث عنه يؤيد حكمهم فيها ما ذهبت إليه، فقد روى مالك في الموطأ: أنه بلغه أن رجلا قال لرجل: ابتع لي هذا البعير بنقد حتى أبتاعه منك إلى أجل، فسأل عن ذلك عبدَ اللهِ بنَ عمرَ فكرهه ونهى عنه.

وقد ذكر مالك هذه المسألة في باب " بيعتين في بيعة " فكأنه يرى أن ابنَ عمرَ يعتبرها داخلة فيما نهى عنه من بيعتين في بيعة. (٢)

قال الباجي: " ولا يمتنع أن يوصف بذلك من جهة أنه انعقد بينهما أن المبتاع للبعير بالنقد إنما يشتريه على أنه قد لزم مبتاعه بأجل بأكثر من ذلك الثمن فصار قد انعقد بينهما عقد بيع تضمن بيعتين، إحداهما الأولى وهي بالنقد، والثانية المؤجلة، وفيها مع ذلك بيع ما ليس عنده؛ لأن المبتاع بالنقد قد باع من المبتاع بالأجل البعير قبل أن يملكه، وفيها سلف بزيادة؛ لأنه يبتاع له البعير بعشرة على أن يبيعه منه بعشرين إلى أجل، يتضمن ذلك أنه سلفه عشرة في عشرين إلى أجل، وهذه كلها معان تمنع جواز البيع، والعينة فيها أظهر من سائرها ".


(١) ومن ذلك ما جاء في بحث الدكتور محمد سليمان الأشقر حيث أورد بضعة أمور - سبق بعضها - وهي لا تتحقق إلا في تطبيق خاص من تطبيقات المرابحة ليس هو المعمول به في المصارف الإسلامية، ولم يورد على الأسلوب المشهور إلا مسألة إلزامية الوعد. . مع أمور أخرى تتصل به وهي كل ما يقيد حرية الطرفين في إتمام البيع أو تركه، وعدم ترتب تعويض لما يقع على أحدهما من ضرر، وعدم البيع إلا بعد القبض
(٢) أشكال وأساليب الاستثمار في الفكر الإسلامي، بحث للدكتور الصديق محمد الأمين الضرير، مجلة البنوك الإسلامية، العدد ١٩

<<  <  ج: ص:  >  >>