للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيما يلي إيجاز ما أورده ابن رشد (الجد) في " البيان والتحصيل " وهو أصل لِمَا جاء في كتب المالكية التالية له حول تقسيم العينة إلى جائزة وهي إذا لم يقع تواعد بل مجرد استفادة البائع من وجود الرغبة، ومكروهة وهي إذا حصل تواعد على أصل الشراء والإرباح دون تحديد مقدار الربح، ومحظورة قال عنها ما نصه " وهي أن يقول الرجل للرجل: اشتر سلعة كذا وكذا بكذا وكذا، وأنا أشتريها منك بكذا وكذا، وهذا الوجه فيه ست مسائل تفترق أحكامها بافتراق معانيها " ثم سردها معقبا عليها بأحكام شتى، كالجواز، أو الكراهة " لوجود المراوضة التي وقعت بينهما في السلعة قبل أن تصير في ملك المأمور "، وقال في إحداها: " ويستحب له أن يتورع فلا يأخذ منه إلا ما نقد فيها " ولولا خشية الإطالة لأوردت كلامه بكامله فيرجع إليه من شاء (١) .

ومن هذا يتبين أن الممنوع هو ما كان فيه قرض بزيادة وظهر في صورة بيع. أما أسلوب المرابحة فهو بيع خالص ولو كان من الممكن أن يقرض البائع المشتري المبلغ الذي يتمكن به من الشراء لصالحه دون فرق الربح الذي حصل لموضوع التأجيل في الثمن، والأمر لا يعدو أن يكون من قبيل الورع والحذر من مشابهة من يتخذ صورة البيع حيلة للإقراض بالربا. . .

هذا وقد أورد الدكتور رفيق المصري على (أسلوب المرابحة) بصدد رفضه له أنه لا يخرج عن أسلوب (حسم الأسناد التجارية) قائلا: " فليس الحسم إلا نتيجة عملية مشابهة حيث يقوم البائع بالبيع لأجل مع زيادة السعر، ثم يتقدم إلى المصرف للحسم، فيأخذ الثمن النقدي، على أن يسترد المصرف الثمن المؤجل في الاستحقاق. والفرق بين العمليتين هو أن المصرف يمنح المال للبائع في حال الحسم، ويمنحه للشاري في حال " بيع المرابحة ". وهذا وإن كان (أي المصرف) يطالب الشاري بسداد الثمن عند الاستحقاق قبل الرجوع على البائع (بافتراض أن السند لم يظهر) أي وكأن المصرف في حال الحسم يمنح المال للبائع عوضا أو نيابة عن الشاري، فماذا يبقى من الفرق بين الحسم وما دعاه الدكتور حمود بالمرابحة. هذا مع أن المرابحة فرأينا (أي رأي د. المصري) ليست كما صورها الدكتور حمود.. أن بيع المرابحة يتم ضمن علاقة ثنائية بين البائع والمشتري فيما يريد أن يجعله الدكتور حمود ذا علاقة ثلاثية بإضافة المصرف الممول وهو في هذه الحالة عبارة عن قرض بفائدة يقدمه المصرف إلى الشاري والفائدة ليست إلا فرق السعرين: المؤجل والمعجل فهو يشبه بهذا نظام بطاقة الائتمان المعروف في الغرب. . . وإن هذه الصورة من بيع المرابحة للأمر بالشراء إنما تطابق صورة من بيع العينة المحرم.


(١) البيان والتحصيل لابن رشد (الجد) ٧/٨٦ - ٨٩

<<  <  ج: ص:  >  >>