للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد كان الهدف الأول لتأسيس أول بنك إسلامي في وقتنا الحاضر هو تطهير الأموال من الربا عن طريق تقديم البدائل المقبولة شرعًا لأنماط الاستثمار المختلفة، والتي درجت البنوك التقليدية على تقديمها سواء لأصحاب الأموال (عرض الأموال) أو مستغلي هذه الأموال (الطلب على الأموال) على أساس ربط الاستثمار وعوائده بفوائد محددة سلفًا.

وقد مارست البنوك التقليدية بفلسفة تنصب على الضمان، وهذه الفلسفة نابعة من كون الوديعة عقد قرض وأن المقترض يتصرف بالقرض ويقع عليه الضمانه، وقد ضمنت البنوك للمودع رأس ماله والفائدة المحددة سلفًا. كما أخذت على المقترضين ضمان ما اقترضوا دون ربط القرض بما وراءه من عمل، ودون نظر إلى نتيجة هذا العمل إن ربحًا وإن خسارة، وعليه فإنه يصح وصف هذه الفلسفة بفلسفة تأجير الأموال حيث يتوجب دفع الإيجار (الفوائد) سواء انتفع (ربح) المستأجر (المقترض) أم لم ينتفع.

مهنيًّا، فقد اقتنع نظام المصرف الدولي بجدوى هذه الفلسفة في غياب البديل، ومع تواتر التطبيق عبر مئات السنين، فقد أصبحت هذه الفلسفة راسخة، وأصبح المجتمع المصرفي الدولي يقاوم أي تغيير.

ولقد طورت الأجهزة المصرفية التقليدية في إحدى مراحلها نوعًا من الممارسات الاستثمارية التي اقتربت بأساسها النظري من المفهوم الإسلامي لاستثمار المال حيث ظهرت مصارف تسمى بنوك التجار أو بنوك الأعمال والاستثمار، وتقوم هذه البنوك على أساس إنشاء المشروعات والمساهمة في رأس مالها مع آخرين إلا أن هذه البنوك قد ظلت وفية للمذهب الذي نشأت عليه وهو نظام الفائدة في تعاملها مع مصادر الأموال.

<<  <  ج: ص:  >  >>