وبينت أن شأن التأمين أشبه ما يكون. "قضيب الصاعقة" السافود الحديدى الذي ينصب دقيق الرأس في أعلى البنايات الثمينة حتى إذا الصاعقة قذف بها السحاب بدلا من أن تنزل على البناية فتحرقها، وقضيب الصاعقة لا يمنع السحب أن تقذف بشرارتها الكهربائية الصاعقة وإنما إذا قذفت هذه الشرارة فإن القضيب يسحبها ويجذبها وتأخذها إلى مدفنها في باطن الأرض بدلا من أن تنزل فتضر تلك الأضرار المعرفة.. هذا شأن التأمين، فهو في ذاته نظام صالح. وأما ما يشاع من أنه عقد جديد لا يجوز إحداثه أو أنه ربا أو أنه قمار كله مبين ومردود عليه ومبين له الأمثلة المماثلة من فقه الشريعة المسلم به، وكذلك في الدراسة الجديدة التى تضمنها الكتاب الجديد بين فيه من زاوية جديدة أخرى تناولتها من النواحى الاقتصادية وآثارها العامة وبينت أن التأمين أصبح يعتبر من عصب الأعمال بدونه تكون المصائب كبيرة، فهو نظام توق واجتناب ولا يوجد في الشريعة ما يمنع الإنسان من التوقى. ثم عالجت الشبهات التى تكررت أو اجترت أو استجدت لدى كثيرين خلال ربع القرن الأخير وكلها أيضا عولجت معالجة جديدة وبينت أن هذه الشبهات شبهات داحضة ولي لها ثبات وبينت الردود عليها. وكذلك تعرضت لرأى المجمع الفقهى الكريم في مكة المكرمة وقراره بالتمييز بين تأمين تجاري وهو ما تمارسه الشركات وبين تأمين تعاونى أنه يجوز وأما ذاك فممنوع، وبينت ذلك، وبينت مخالفتى إذ ذاك لقرار المجمع التى سجلت وطبعت معه فنشرتها أيضا في هذا الكتاب الجديد وبينت أن التمييز بين تأمين تجاري هو ما تمارسه الشركات وتأمين تعاونى لا ربح فيه، هذا كله تمييز غير صحيح، وأن معنى التعاون موجود في كلا النوعين ما يسمونه تعاونيا وما يسمونه تجاريا، ولكن الفرق الوحيد بينهما أن التأمين لما بدأ في أصل ما بدا قبل أربعة قرون إنما بدأ بالشكل الذى سمى تبادليا أو تعاونيا وذلك لأن أهل سوق معينة تجمعهم اخطار مشتركة في بضائعهم وتجارتهم كالحريق مثلا أو الغرق فيضعون صندوقا يمول بما يدفعه كل منهم ويحفظ حتى إذا طرأ على أحدهم مصيبة فانها تعوض من هذا الصندوق.