للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الباقي القليل الرد على بعض ما جاء في بعض البحوث من أن هذه التسمية غير مقبولة وغير سليمة وهي تسمية معروفة وليست بالابتداع (حتى الدكتور سامي) فالإمام الشافعي يصورها لنا، اشتر أمر، أمره بأن يشتري له السلعة وقال له: أربحك فيها، فكل ما فعله الدكتور سامي أنه صاغ هذه العبارة في عبارة موجزة ومقبولة، وبعض الفقهاء يعبر بالطلب: مثلًا ورد في مختصر خليل: (جاز للمطلوب منه سلعة أن يشتريها ليبيعها بنماء ولو بمؤجل) استعمل كلمة طالب بدل آمر، كل هذا سواء، فالإمام الشافعي يقول: اشتر هذه وأربحك فيها كذا، فاشتراها الرجل، فالشراء جائز، شراء الأول والذي قال أربحك فيها بالخيار إن شاء أحدث فيها بيعًا وإن شاء تركه، وهذا نص قاطع في الموضوع، أن المشتري الآمر إذا كان بالخيار فالبيع صحيح، ثم يمضي الشافعي فيقول: وهكذا يقال اشتر لي متاعًا ووصفه له، أو متاعًا أي متاع شئت حتى ولو لم يصفه لأنه بالخيار، لكن الذي عليه العمل في البنوك أنه يوصف ويحدد الثمن، فكل هذا سواء يجوز البيع الأول ويكون فيما أعطي من نفسه بالخيار، وسواء في هذا ما وصفت إن كان قال: ابتعه واشتريه منك بنقد أو بدين جاز، وإن تبايعا إن ألزما أنفسهما الأمر الأول فهو مفسوخ، وهذا هو الذي جعلنا نمنع الإلزام من الجانبين، فهو مفسوخ من قبل شيئين: أحدهما أنهما تبايعا قبل تملكه، وهذه الحجة التي اعتمدنا عليها، من صريح كلام الشافعي، والثاني أنه على مخاطرة انك إن اشتريته على كذا أربحك فيه كذا، ولعل هذا أقوى دليل على جواز بيع المرابحة للآمر بالشراء إذا جعل للمشتري الخيار.

بعض الإخوة فهم من عبارة الشافعي هذه أن الخيار لابد أن يكون للطرفين، وليس فيها ما يدل على ذلك، لأن أولها صريح وكل ما قد يطرأ منه التباس هو هذه العبارة: "ويكونان في الخيار في البيع الآخر" يكونان في الخيار هذه، إذا فهمناها في سياق هذا النص كله لا تعني أن كلًا منهما يكون في الخيار، هو البيع في جملته بيع خيار يكون لأحدهم الخيار، هذا يكفي بدليل العبارة التي بعدها "وإن تبايعا على أن ألزما أنفسهما" إذا ألزم أحد الطرفين نفسه ولم يلزم الآخر فلا مانع من هذا أيضًا، على أنه هنا نقطة أحب أن أبينها وهي: في الواقع الصور التي تسير عليها البنوك في الإلزام وعدمه ثلاث وليست صورتين كما ذكر بعض الأخوة –الدكتور رفيق أظن في بحثه أيضًا- بعض البنوك تلزم البنك بالشراء والبيع لطالبه وتلزم المشتري بالشراء، وأظن هذا ما ذهب إليه الدكتور سامي لأنه يوجب التعويض على البنك إذا لم يف بوعده، الصورة الثانية أو البنوك الثانية: تلزم البنك البيع إذا اشترى السلعة أما إذا لم يشترها فلا إلزام عليه، لكن لو اشتراها يجب عليه أن يبيعها لطالبها وعلى طالبها أن يشتريها، الحالة الثالثة والتي عليها بنك فيصل الإسلامي في السودان أن البنك أيضًا غير ملزم بشراء السلعة لكنه إذا اشتراها يلزم ببيعها للمشتري لطالب الشراء، وطالب الشراء غير ملزم.

نقطة صغيرة –وأظن أني أطلت وأحب أن أختصر وأنتهي- الدكتور سامي في حديثه في الجلسة الماضية قال: إذا لم يجب التنفيذ قضاء، وأظن أن هذه عبارته "يجب التعويض"، فكأنه يريد أن ينقلنا ويقول مادمتم لا تريدون أن يكون هذا الوعد ملزمًا قضاء ولا تلزمون البنك بالتنفيذ أو لا تلزمون المشتري بالتنفيذ، فيجب التعويض إذا أخل أحد الطرفين فلم يف بوعده، نقول له: هذا غير ممكن، كيف تطالب بتعويض في أمر، في عقد، في تصرف ممنوع؟ التصرف في أصله غير جائز، فكيف ينبني عليه المطالبة بالتعويض؟ يعني إذا دخل من أول مرة المصرف والمشتري على أنهما ملزمان فلا يمكن أن يأتي التعويض هنا، وأكتفي بهذا وشكرًا لكم.

.

<<  <  ج: ص:  >  >>