بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الحقيقة أنه الآن ينطبق علينا قول الشاعر:
من يتبع القدماء أعاد حديثهم
بعد الفشو وضل إن لم يتبع
أرى أنه يشفع لي في التدخل قول الشاعر الآخر:
والسامرون إذا طال الجلوس بهم
ظنوا التسامر في أولى البدايات
البيت الأخير قلت معناه، كنت أريد أن أتدخل في الصباح على عرض الدكتور نزيه والذي اتفق مع الشيخ وهبه في أنه عرض موثق توثيقًا جيدًا واستعرض لمختلف الآراء.
إلا أن الملاحظة الشكلية التي أوجهها إليه ويمكن أن توجه لكثير من العروض هو أننا عند استعراضنا لمختلف أقوال الفقهاء في قضايا حساسة تشد تطلعات شباب الأمة الإسلامية إليها، ينبغي أن نعطي آراء تشكل مصادر استئناس للجان الصياغة عندما تحاول إعداد مقررات هذا المجمع المحترم.
فالوعد نقل فيه الحافظ بن حجر القول الصحيح والذي لا يمكن أن نتجاوزه حيث قال: إنجاز الوعد مأمور به مندوب إليه عند الجميع وليس بفرض لاتفاقهم على أن الموعود لا يضارب بما وعد به من الغرماء، ثم أضاف: ولم ينقل أي إجماع في ذلك ومن قال به فهو مردود بخلاف المشهور، "فتح الباري جزء ٦ صفحة ٢٠٧ الطبعة الحلبية".
فإن الوعد هنا يتفق تمامًا مع ما يعرف في الفقه الغربي بقيام الوجوب، أو الفترة التي يبقى فيها الإيجاب قائمًا، علمًا بأنهم قرروا وهذا التقرير موجود حتى في الفقه الإسلامي وهم أخذوه منه، وقد حللته في رسالتي للدكتوراه "تأثر مصادر الالتزام الغربي في الفقه الإسلامي" هو على أن الإيجاب القائم لا يلزم إلا من وافق عليه ونزل عليه الإيجاب، أما الوعد بالبيع فلا يسمى بيعًا، إلا أن الإنسان إذا وافق على وعد وجهه إليه الواعد أصبح ملزمًا بأداء ما وافق عليه، فإذا نحن قلنا اليوم من منطلق هذا المجمع الفقهي العظيم أن الوعد نافذ على صاحبه وينبغي أن يسال عنه قضاء أضفنا قاعدة جديدة استخلصناها من كلام الفقهاء، ولو كنا أخذنا بشطر الخلاف استجابة للمصالح المتجددة وسدًا للذرائع وخشية أن يصبح الناس في متاهات من المشاكل التي تطرأ بينهم في مثل هذه المواعيد، هذا ما أقوله عن الوعد.