للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما المرابحة: فالمرابحة بشكلها الحالي الموضوع في المجمع فهو تعبير جديد أضيف إلى بيع المرابحة المعلوم، وبيع المرابحة المعلوم قال فيه ابن رشد: أجمع جمهور العلماء على أن البيع صنفان: مساومة، ومرابحة، وأن المرابحة هي أن يذكر البائع للمشتري الثمن الذي اشترى به السلعة ويشترط عليه ربحًا ما بالدينار أو الدرهم، ثم حلل خلاف العلماء في أنواع الزيادات التي يمكن أن تحسب من رأس المال وتلك التي لا يمكن أن تحسب منه، واستطرد كلام المالكية في هذا الموضوع حيث قالوا: إن البعض من الأعمال اليسيرة التي يقوم بها الشخص لا يمكن أن تحسب من رأس المال عندما يريد أن يبيع فلا يقول: اشتريته بكذا، ولكن يقول: قام علي بكذا وهذا متفق مع مذهب المالكية، وإذا نحن نظرنا إلى ما قاله المنتقي في الجزء الخامس حول المرابحة لوجدنا أنه حللها تحليلًا قيمًا لا يتفق وبعض ما نسب إلى المالكية فيما سمعته من عروض قيمة ألقيت هنا بأنهم حظروا بأن يبيع شخص مجهولًا لشخص آخر وأجازوا أن بيع شخص الشيء المعلوم لشخص آخر بثمن معلوم على أن لا يكون وقت الأداء معروفًا، والمدونة تعرض لاثنتين وثلاثين قضية تهم بيع المرابحة، اثنتين وثلاثين قضية التي تعرضت لها المدونة، منها ما يطرأ على البضاعة من الزيادة وما يمكن أن يضاف إليها، والتحسينات التي يقوم بها الشخص عندما يريد أن يبيع بيع مرابحة، والشيخ خليل في كتابه "المختصر" خصص فصلًا خاصًا للمرابحة حيث أجازها وحذر من المجهول في شأنها فقال: [وجاز مرابحة والأحب خلافه ولو على مقوم مطلقًا أو إن كان عند المشتري تأويلان، وحسب ربح ماله عين قائمة كصبغ وطرز وخياطة وغير ذلك] .

فعندما تعرض لهذه الأنواع شارحه الحطاب بين الحظر الكامل الذي يمكن أن يقع في بيع المجهول، أما ما يذكر اليوم من بيع المرابحة للآمر بالشراء أو الوعد للآمر بالشراء كما رأينا في الجزء السابق من المحاضرات فالصيغة المطروح بها اليوم هو بيع دين بدين، وبيع الدين بالدين معلوم، فالذي ينبغي في نظري أن نخرج منه من هذه البحوث، هو أن على المجمع الموقر عندما تتعارض أقوال الفقهاء أن يستخلص لنا القواعد التي يمكن أن يحتج بها أمام القضاء، وأرجح وأؤكد على أولئك الذين قالوا بتدوين قواعد إلزام الوعد لمن وعد به، وعلى بيع المرابحة، ولكن في النظريات الفقهية لا نضيف إليها شيئًا يحلل لنا الربا وندخل تحت المسميات، فنكون هدرنا الشريعة الإسلامية عن طريق مسميات لم تعرف من قبل ولم تستخلص من نظريات الشريعة بأسلوب واضح ومركز، وشكرًا لكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>