الحمد لله رب العالمين، والصلاة على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أيها الأخوة.. عقود التأمين لا يوجد لها أي أحكام خاصة في الشريعة الإسلامية. ولم يبحثه الفقهاء المتقدمون، ذلك لأن نظام التأمين نظام حديث جلب من الغرب مع ما جلب إلينا ونقل إلينا من أنظمة الغرب المادية.. أول من كتب عن نظام التأمين من الفقهاء المسلمين ابن عابدين رحمه الله سبحانه وتعالى، فقد ذكر ابن عابدين في كتاب الجهاد أحكام التجار الأجانب الذين يدخلون دار الإسلام مستأمنين، فذكر ما يلى قال "جرت العادة أن التجار إذا استأجروا مركبا من حربى يدفعون له أجرة المركب ثم يدفعون له أيضا مالا معلوما لرجل منهم يقيم في بلادهم حتى إذا حصل أي شيء للمال, للمركب من حرق أو غيره يدفع لهم تعويضًا" ويسمى ذلك الرجل سوكرة، الذى يعرف في هذا الزمن بشركات التأمين، يقول ابن عابدين: أن هذا المال الذى يدفعه هذا الحربى لمن استأجر المركب ودفع له مالا معلوما، هذا العقد هو عقد فاسد، ذلك لأنه التزام ما لا يلزم والتزام ما لا يلزم هو عقد فاسد ولا يجوز للمسلم أن يأخذ بدل الهالك أن غرقت البضاعة أو حرقت بدلا عن ذلك لأنه أخذه بعقد لا يلزم الأخذ، والأخذ هنا حرام شرعا، كما ذكره ابن عابدين أول من تكلم عن موضوع التأمين. وابن عابدين يقول لا يحل للتاجر أن يأخذ بدل هالك لأن صاحب السوكرة لن يتعدى ولن يتلف هذه البضائع وأنه دفعه التزام ما لا يلزم كما ذكرنا. واعتبر ابن عابدين مسألة التأمين كالوديعة والمستعيض والمستأجر. الوديعة لا تضمن إذا هلكت قضاء وقدرا وكذلك المستعار لا يضمن إذا هلك قضاء وقدرا، وكذلك المأجور لا يضمن إذا هلك قضاء وقدرا.