للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما يضن بالتعدى. وهنا بدل التأمين حرام لأنه كالوديعة وكالمستعاض. فابن عابدين تحدث عن التأمين البحرى وهو الذى كان معروفا في ذلك الوقت. وقد ذكر الشيخ بخيث المطيعى مفتى الديار المصرية الأسبق المتوفى سنة ١٩٣٥ عن موضوع التأمين فقال "أن من المقرر شرعا أن الأموال لا تضمن إلا بثلاثة أشياء: بالكفالة أو التعدى أو الإتلاف"، وعقد التأمين ليس من تلك العقود التى قرر الشارع الضمان فيها. وقال أيضا "إن الضمان الذى قررته الشريعة الإسلامية له أسباب وليس من أسبابه هذا العقد الذى هو عقد فاسد، ذلك لأنه معلق على حظ تارة يقع وتارة لا يقع، فهو قمار، لأنه لا يحل للمسلم أن يأخذ بدل المال الهالك بسبب هذا التأمين الذى هو يكون مبنيا على احتمال أن يقع أو لا يقع فهو مبنى على الحظ أي مبنى على القمار". ولذلك الشيخ بخيت رحمه الله، أيضا والفقهاء المسلمون الذين تكلموا في هذا الموضوع في العصور الماضية حرموا موضوع التأمين. طبعا التأمين التجاري الموجود الآن هو ما ذكره ابن عابدين لأنه مثل التأمين البحرى الذى كان معروفا في عصره من الجماعة الذين كانوا يقومون بعمل شركات التأمين الذين يسمونهم السوكرة الذين هم للآن. أيضا التأمين على الحياة هو أيضا عقد فاسد كالتأمين التجاري لأن التأمين على الحياة هو عقد مجهول فيه احتمالات وفيه مخاطرة وفيه قمار وفيه ربا، لأن الإنسان إذا أمن نفسه على الحياة مقابل أقساط قد يموت بعد القسط الأول ويكون المبلغ المؤمن عظيما، فإذا مات بعد القسط الأول استحق أن يأخذ بدل التأمين وهو مبلغ عظيم، كبير، قد يكون مبلغا كبيرا اتفق عليه وهذا مقدر بين العاقدين هذا المؤمن لماذا يأخذ هذا المبلغ؟ بأى حق حتى يأخذ بعد القسط الأول هذا المبلغ العظيم؟ أليس هذا مقامرة؟ أو ماذا يسمى أن لم نسمه مقامرة؟ فماذا نسميه؟ ثم إذا دفع جميع الأقساط ولم يمت يأخذ ما دفعه مضافا إليه الفوائد الربوية. فهو إما قمار وإما ربا، وهو من العقود الاحتمالية المجهولة، متى يقع؟ وبأى تاريخ يقع؟ وبأى أمر يمكن أن يكون معروفا؟ فهو من العقود الاحتمالية المجهولة حرمها الإسلام. وكتب القواعد الفقهية الكلية تخالف ما عليه التأمين، لأن كلا من المتعاقدين لا يدرى أحدهما وقت إبرام عقد التأمين مدى ما يأخذ أو ما يدفع ولا يعرف إلا في المستقبل نتيجة هذا العقد لأمر غير محقق الحصول ولا معروف وقت حصوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>