أما عن تلمس وجهة الفقه الإسلامي في هذه المعضلة الاقتصادية المزمنة، وهي تغير قيمة العملات وما يترتب على ذلك من آثار، فإن الشريعة الإسلامية لما كانت شريعة تنظم علاقات الأفراد فيما بينهم، وعلائقهم بالدولة، وتنظم علاقة الدولة بغيرها من جميع النواحي كان طبيعيا أن يحظى الجانب الاقتصادي بأهمية خاصة في التشريع الإسلامي لماله من خطورة فردية ومحلية ودولية.
وقد تضمنت الشريعة الإسلامية نظاما اقتصاديا متكاملا متميزا، له نظريته وأسسه وموازينه، وله علاجاته كل ما قد ينشأ من مشكلات اقتصادية في المجتمع والدولة الإسلامية.
إلا أن الشريعة الإسلامية ليست مسئولة عن حل مشكلات نشأت من طبيعة النظم الاقتصادية الأخرى؛ لأن لكل نظام أسلوبه في حل إشكالاته التي قد تنشأ من خلال التعامل، وهي التي قد ينجح هو في حلها، في الوقت الذي قد يعجز نظام آخر عن حلها، ولو كان أكثر تطورا وشمولا.
إن الأحكام الفقهية في الشريعة الإسلامية أحكام لواقعات تنشأ في المجتمع الإسلامي، وحينئذ لا بد لكل واقعة من حكم، ولا نعرف واقعة واحدة في تاريخ الدولة الإسلامية لم يجد الفقهاء لها حكما شرعيا.