للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واقعات مسألة تغير العملة:

إن وقائع الأحداث التي تتكرر وتتجدد أو تستجد تحتاج إلى أحكام فقهية تضفي عليها الوصف الشرعي، لقد تكفل الشرع الحنيف بإعطاء كل واقعة في المجتمع الإسلامي حكما شرعيا من التحريم، أو الكراهة، أو الوجوب، أو الندب، أو الإباحة، وهذه الأحكام أما مستندها الأدلة المتفق عليها من الكتاب والسنة والإجماع والقياس، أو الأدلة المختلف فيها، من الاستحسان أو المصالح المرسلة أو قول الصحابي أو عمل أهل المدينة وما إلى ذلك من الأدلة المختلف فيها، أو بالرجوع إلى القواعد الفقهية والأصولية المعتبرة من قواعد الضرورات وقاعدة التيسير وما إلى ذلك.

وفي ظل هذا الرصيد الوافر من الأدلة الحاكمة لم يواجه فقهاؤنا مسألة عابرة، أو معضلة شائكة إلا وكان لها وصف شرعي ضابط من الحظر أو الإباحة.

وإن مسألة تغير العملة كانت إحدى واقعات المسائل التي طرأت على واقع الفقه الإسلامي في عصور متفرقة، وكانت هذه الواقعات تصغر أحيانا، وتكبر في أحيان أخرى، ويلحظ أن هذا مرتبط بمدى تطبيق الأحكام الشرعية في واقع المجتمع المسلم، ومدى التزامه بقواعد الأحكام، خصوصا في مسائل البيوع الجائز منها والمنهي عنه، فكلما كان التطبيق شاملا تاما ندر أن تقع هذه الواقعات، وإن وقعت فحالات فردية، لا تشكل ظاهرة اقتصادية تترك آثارا عامة على المجتمع المسلم، وكلما كان التطبيق الشامل متخلخلا، ومتفاوتا بين فترة وأخرى، فإن ضغوطات التصورات وواقع المجتمعات غير الإسلامية التي قد يكون له تفوق اقتصادي، يبدأ ثقله بالضغط لإيجاد واقع يتجاوب وصفة واقع هذه المجتمعات.

ولذا فقد ظهرت هذه المشكلة باعتبارها قضية اقتصادية اجتماعية في العصور المتأخرة للدولة الإسلامية. وأما من قبل فلم تعد كونها فردية جزئية، وإن توسعت فمحلية قطرية ويكون حلها حينئذ تبعا لها فرديا أو محليا.

<<  <  ج: ص:  >  >>